"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف" مسافة قصر ثمانين كيلو "وفي مثل ما بين مكة وعسفان -كذلك- وفي مثل ما بين مكة وجدة" كذلك بين مكة وجدة أكثر من ثمانين كيلو، لكن الآن بعد التوسع العمراني قصرت المسافة، "قال مالك: وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة" أربعة برد المسافة متقاربة بين مكة والطائفة مكة وعسفان مكة وجدة متقاربة وكلها أربعة برد "يقول مالك: وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة" وهذا هو اختيار الإمام -رحمه الله-، وبه قال الشافعي وأحمد وجماعة، وعن مالك مسيرة يوم وليلة، وهو اختيار الإمام البخاري -رحمه الله-، وقال أبو حنيفة: لا تقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام، والمقصود بهذا مسافة القصر لا المدة التي إذا أجمع المسافر وعزم على الإقامة فيها، المدة ستأتي لكن هذه هي المسافة، وقال أبو حنيفة: لا تقصر في أقل من ثلاثة أيام، ثلاثة أيام بالكيلوات تقارب مائة وعشرين كيلو؛ لحديث: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم)) فسمى ثلاثة أيام سفراً، وأجيب بأنه لم يسق لبيان مسافة القصر، بل لنهي المرأة عن الخروج وحدها، ولذا اختلفت ألفاظ الخبر، جاء النهي عن السفر مطلق بدون محرم من غير تحديد، وجاء النهي مقيد بيوم وليلة، وجاء النهي مقيداً بثلاثة أيام، واختلاف هذه المدد تجعل مفهوم العدد غير مراد، يعني اختلاف المدد الإطلاق: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم))، ((لا تسافر يوم وليلة إلا مع ذي محرم)) ((لا تسافر ثلاثة أيام بلا محرم)) هذا التفاوت يدل على أن هذه الأحاديث وقائع عينية كأنه قيل للنبي -عليه الصلاة والسلام-: امرأة سافرت ثلاثة أيام بدون محرم، فقال: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام من غير محرم)) كأنه قيل له: لو سافرت امرأة يوم وليلة؟ قال: ((لا تسافر المرأة يوم وليلة من غير محرم)) وقيل له: إن امرأة سافرت من دون محرم، فقال: ((لا تسافر المرأة بدون محرم)) بإطلاق، وهذا يدل على أن السفر -سفر المرأة- من غير محرم حرام.