فمثلاً: صلاة المغرب اليوم وصلاة العشاء، يؤذن لصلاة العشاء في السابعة وبضع عشر دقيقة، يعني يبونك تصلي الآن صلاة المغرب فإذا انتهيت منها وقد انتهى وقت المغرب تصلي مباشرة العشاء، وتكون حينئذٍ صليت كل صلاة في وقتها، عملت بأدلة التوقيت، وأنت من جهة أخرى باعتبارك جمعت الصلاتين في مدة واحدة يسيرة وتأهبت للصلاتين تأهباً واحداً فيه تيسير من هذه الحيثية، خروجك إلى محل الصلاة واحد، تأهبك للصلاة واحد، فالحنفية يحملون ما جاء من نصوص الجمع على هذا، لكن هذا فيه .. ، لا نتصور أن جميع الظروف وجميع الأحوال وجميع الأزمان عندهم مثل ما عندنا من الساعات الدقيقة، ومن التقاويم التي تحدد الأوقات بدقة، يعني افترض نفسك من غير ساعات ومن غير توقيت تقويم كيف تصنع؟ وأنت مطالب بأن توقع المغرب في وقتها في آخر وقتها كما أنك مطالب بأن تكون تكبيرة الإحرام لصلاة العشاء بعد دخول وقتها، فلو تأخرت يسيراً أو تقدمت يسيراً وقع إشكال كبير على هذا القول، ولا شك أن هذا القول فيه من الحرج ما فيه، والنصوص تدل على أنه جمع بين الصلاتين، التأخير لا إشكال فيه في الصحيحين، والتقديم ثبت عند الحاكم والإسماعيلي وغيرهما، وإن تكلم الحاكم نفسه في روايته.
على كل حال إذا أمكن حمل جمع التأخير على الجمع الصوري فإنه لا يمكن بحال جمع التقديم على الجمع الصوري، وعلى هذا فالمرجح قول الجمهور في جواز الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما تقديماً وتأخيراً، والأوزاعي يجيز جمع التأخير دون جمع التقديم وهو رواية في مذهب أحمد، من غير أن يجد به السير؛ لأن عندنا في هذا الحديث نص: "ثم خرج ثم دخل" وين خرج؟ وين دخل؟ كونه يكون له خباء يدخل فيه ويخرج منه هذا جادٌ به السير؟ فلا يلزم أن يجد به السير، وإن كان القول بأنه لا يجمع إلا إذا جد به السير كما قرره ابن القيم وقبله شيخ الإسلام ورواية عن مالك -رحمه الله تعالى-، وعلى كل حال المسافر بصدد أن يرخص له، وقد جاء الترخيص له دون المقيم الحاضر.