من الرخص الجمع كما سمعنا، القصر، المسح ثلاثة أيام، الفطر في رمضان، المسألة التي أثيرت في الدروس السابقة من جواز التيمم للمسافر ولو كان واجداً للماء استدلالاً بآية المائدة: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(6) سورة المائدة] قالوا: القيد يعود إلى الجملة الأخيرة، مع أنه نقل الإجماع أكثر من واحد على أنه لا يجوز لواجدِ الماء القادر على استعماله أن يتمم حاضراً كان أو مسافراً نقل الإجماع على هذا، فلا وجه لمن فهم من الآية جواز التيمم مع وجود الماء للمسافر.
ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((إنكم ستأتون غداً -إن شاء الله-)) هذا الاستثناء للتبرك من جهة، وامتثالاً لقول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [(23 - 24) سورة الكهف] ((إنكم ستأتون غداً -إن شاء الله- عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار)) حتى يضحى النهار يعني: يرتفع ارتفاعاً قوياً ((فمن جاءها)) يعني قبله -عليه الصلاة والسلام- ((فلا يمس من مائها)) ((فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي)) يعني حتى يجيء النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول: "فجئناها" معاذ "فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان" في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من جاءها فلا يمس من مائها شيئاً)) يقول الباجي: فيه أن للإمام أن يمنع من الأمور العامة إذا ترتب على هذا المنع مصلحة، يعني كالماء والكلأ إذا ترتب على هذا المنع مصلحة جاز له ذلك.