"عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبره" معاذ بن جبل الأنصاري من أعيان الصحابة من أعلمهم بالحلال والحرام "أنهم" يعني الصحابة "خرجوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام تبوك، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال: فأخر الصلاة يوماً ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً -يعني جمع تأخير- ثم دخل"، "ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل" خرج من إيش؟ ودخل أي شيء؟ الخباء؟ خرج من خبائه ودخل فيه بعد الصلاة، وهو من أقوى الأدلة على جواز الجمع في السفر ولو كان نازلاً لم يجد به السير، خلافاً لمن يشترط ذلك "ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً" بعضهم حمل هذا الجمع على الجمع الصوري، وتعقبه الخطابي، يعني رأي الحنفية في الجمع أنه لا يجوز إلا في عرفة ومزدلفة، ويحملون ما جاء من النصوص مما يدل على جواز الجمع بين الصلاتين أنه جمع صوري، الخطابي وابن عبد البر تعقبا من قال بالجمع الصوري بأن الجمع رخصة وتيسير وتسهيل على الأمة لوجود هذا السبب، فلو كان الجمع صورياً لكان أعظم ضيقاً، وأشد حرجاً من الإتيان بكل صلاةٍ في وقتها، يقولان: لأن العلم بأوائل الأوقات وأواخرها بدقة مما يخفى على كثير من الخاصة فضلاً عن العامة، يعني مراقبة أوائل الأوقات وأواخر الأوقات أمرٌ شاق، ولا يكلف عموم الناس بمثل هذا الشيء الدقيق؛ لأن الفاصل شيء دقيق، ومسألة .. ، الصلاة تؤدى بخمس دقائق، ولا شك أن الفاصل بين الوقتين يحصل في زمنٍ يسير جداً، فكون المكلف يراقب هذه الأوقات أشق عليه من أن يصلي كل صلاة في وقتها، والمراد بالجمع الصوري أن يؤخر الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، ويقدم الصلاة الثانية إلى أول وقتها.