في سنن أبي داود ومسند أحمد وغيره في هذا الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم إن ارتحل بعد زوال الشمس، وجمع تأخير إن ارتحل قبل الزوال، وهذا الحديث كما يقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- اختلف فيه على يحيى بن يحيى في إسناده، فروي عنه مرسلاً، وكذلك هو عند جمهور رواة الموطأ مرسل، وقد روي عن يحيى مسنداً عن الأعرج عن أبي هريرة، هو عند أكثر رواة الموطأ مرسل وابن عبد البر يقول: حتى في رواية يحيى اختلف فيه عليه، منهم من رواه مرسل، ومنهم من رواه مسنداً، يقول: وقد روي عن يحيى مسنداً عن الأعرج عن أبي هريرة، والذي يظهر أنه في الأصل في رواية يحيى مسند، لكن بعض الرواة لما رآه في أكثر الروايات مرسل أرسله في رواية يحيى كما قال بعض الشراح، وعلى كل حال الحديث لا إشكال فيه.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير -محمد بن مسلم بن تدرس- المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة" ولد عام أحد، وله رؤية وهو صحابي، وعمّر إلى أن مات سنة عشرٍ ومائة على الصحيح، وهو آخر من مات من الصحابة فيما قاله الإمام مسلم وغيره.
حديث: ((ما من نفسٍ منفوسة على وجه الأرض يأتي عليها مائة عام))، ((رأيتكم ليلتكم هذه فإنه ما من نفسٍ منفوسة على وجه الأرض يأتي عليها مائة عام)) وهذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر عمره، وكان آخر من مات من الصحابة سنة عشر ومائة، يعني بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- بعد مقولته تلك بمائة سنة عمر طويلاً.
وبعضهم يضعف حديث الجساسة بهذا الحديث، وأن الدجال موجود على عهده -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث تميم عند مسلم، ويبي يأتي عليه مئات الأعوام حتى يخرج في آخر الزمان، ولا شك أن هذا الحديث صحيح في صحيح مسلم، ولا أدنى إشكال فيه، وهو خاص، وأيضاً هو في البحر ليس على وجه الأرض، ويرد أيضاً وجود الخضر في قول الأكثر أنه باقي، وإن كان القول المحقق الصحيح عند المحققين من أهل العلم أنه قد مات.