القرطبي ذكر في مسألة الفطرة، وأشار إلى هذا الباب من الموطأ، نقلاً عن ابن عبد البر يقول في المسألة الثانية: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [(30) سورة الروم] "الثانية: في الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مولود إلا يولد على الفطرة)) في رواية: ((على هذه الملة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ )) ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [(30) سورة الروم] وفي رواية: ((حتى تكونوا أنتم تجدعونها)) قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت صغيراً؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)) هذا لفظ مسلم.

الثالثة: اختلف العلماء في معنى الفطرة المذكورة في الكتاب والسنة على أقوال متعددة، منها الإسلام، قاله أبو هريرة وابن شهاب وغيرهما، قالوا: وهو المعروف عند عامة السلف من أهل التأويل، واحتجوا بالآية؛ لأنه ما قال في الحديث أو يسلمانه، فدل على أن الإسلام هو الأصل، ثم أهله من شياطين الإنس والجن يجتالونه عن هذا الأصل، واحتجوا بالآية، وحديث أبي هريرة، وعضدوا ذلك بحديث عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للناس يوماً: ((ألا أحدثكم بما حدثني الله في كتابه؟ أن الله خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين، وأعطاهم المال حلالاً لا حرام فيه، فجعلوا مما أعطاهم الله حلالاً وحراماً)) المزارع يزرع الأرض بالأسباب الشرعية والثمار تطلع لا شبهة فيها ولا شية فيها، ثم بعد ذلك إذا حمل هذه الثمرة باع الصاع بصاعين، الأصل حلال، لكن تصرفه هذا جعل فيه الحرام، ومن الذي أرغمه على مثل هذا التصرف؟ ((وأعطاهم المال حلالاً لا حرام فيه، فجعلوا مما أعطاهم الله حلالاً وحراماً)) ... الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015