ففيما العمل؟ ما دامت النتائج معروفة عند الله -جل وعلا- نعم، ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة)) يعني هل هذا مجرد من شيء يبذله هذا الشخص؟ أو مصحوب بما يبذله هذا الشخص من مما يؤديه إلى مثل هذا التوفيق؟ يعني هل المخلوق منه شيء وإلا ما منه شيء؟ لا بد أن يكون منه شيء يكون سبباً لهذا التوفيق.
((وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار))
يعني حينما يزني الزاني، أو يسرق السارق هل هو مرتاح راحة تامة يدل أن ذمته بريئة من هذا العمل؟ وأنه ليس له أي دور ولا دخل في هذه الجريمة، أو يحس من نفسه بالخطيئة؟ وأنه جاءها مختار، وميله القلبي إلى هذه الجريمة مما يكون سبباً في عذابه؟ كل إنسان يجد هذا من نفسه، الذي ذهب إلى المسجد، وتقدم إلى المسجد، وصلى ما كتب له، وقرب من الإمام، واستمع لقراءته، هذا لا شك أنه يجد في هذا ما يجد من اللذة والنعيم، وهو الفاعل لهذا الأمر، والله -جل وعلا- هو الموفق، له أن يفعل هذا، ولو شاء ربك ما فعلوه، لكن مع ذلك العبد وإن كانت هذه النتائج معلومة ومحسومة إلا أن له دوراً كبيراً في هذه النتائج، إذا بذل أسباب دخول الجنة دخلها بإذن الله، وإذا بذل أسباب دخول النار دخلها، وتبقى أن المسألة يعني كثير من الناس لا يستطيع استيعابها؛ لأنها من المضايق، فمثل هذا يقول: رضينا وسلمنا وآمنا، لا يسترسل وراء الذهن؛ لأنه قد يصل به الأمر إلى ما وصل بأولئك، لكن من تأملها، وبعد أن عرف النصوص الواردة في هذا الباب لا شك أنه تلوح له هذه القضايا مثل الشمس.