يقول: "فأمر لهم بشعير عنده يعمل، وقام يذبح لهم شاة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نكب عن ذات الدر)) " يعني ابتعد واجتنب عن ذات الدر ذات الحليب، يعني: لا تذبحها "فذبح لهم شاة، واستعذب لهم ماء" يعني طلب لهم ماءاً عذباً "فعلق في نخلة، ثم أتوا بذلك الطعام" الشعير والشاه "أتوا بذلك الطعام فأكلوا منه، وشربوا من ذلك الماء" بعد الجوع يأكلون من لحم هذه الشاة، ويشربون من هذا الماء البارد، وخبز الشعير مع أن الناس يتفقون على ذمه، الشعير عموماً يؤكل عند الحاجة، حتى يقول القائل: إنه الطعام المأكول المذموم، ويقدم لأشرف الخلق، والله المستعان.

"وشربوا من ذلك الماء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لتسألن عن نعيم هذا اليوم)) " والحديث في الصحيح، إشارة إلى ما في سورة التكاثر {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [(8) سورة التكاثر] وإن كان بعض المفسرين يقول: إنها في الكفار الذين لا يستعملون هذا النعيم فيما يرضي الله -جل وعلا-، لكن السؤال عام؛ لأن من المسلمين من لا يشكر، ومنهم من يقصر في الشكر، فماذا عنه -عليه الصلاة والسلام-، وهذا السؤال أشرف الخلق يأكلون من خبز الشعير، ويشربون الماء، ويأكلون من لحم الشاة ثم يقول: ((لتسألن))؟ واللام واقعة في جواب قسم مقدر، والله لتسألن عن نعيم هذا اليوم.

ولا شك أن السؤال شامل، فمما يسأل عنه العظائم، ومما يسأل عنه ما دونها من الذنوب، ويسأل عن الصغائر، وقد يسأل عن خلاف الأولى، لا سيما إذا كان بهذه المنزلة؛ لأن هؤلاء النفر الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومن معه أعرف الخلق بالله -جل وعلا-، فكونهم يشبعون هذا لا شك أنه بالنسبة لهم خلاف الأولى.

قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب كان يأكل خبزاً بسمن، فدعا رجلاً من أهل البادية، فجعل يأكل ويتبع باللقمة وضر الصحفة" وضر الصحفة يعني الذي يتعلق به شيء من الدسم، من السمن، يعني مثلما يبقى في الإناء شيء يسير من الإدام يتتبعه الآكل بما معه من خبز ونحوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015