وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطش))

أقول: الكتاب إذا طال به الأمد لا شك أنه يمل، وهذا على مستوى التعليم، وعلى مستوى التأليف، تجد المعلم في أول الكتاب يبسط، وهمة ونشاط، ثم بعد ذلك يفتر، ثم يقتصر على التنبيه على ما لا بد منه، وهذا شيء ملاحظ.

المؤلفات أيضاً تجد المؤلف ينشط في أول الكتاب، ويبسط ويشرق ويغرب، ثم بعد ذلك يقتصر على الشيء اليسير، ويكون أقرب ما يكون إلى التعليقات اليسيرة، بينما هو شرح مبسوط، فلا شك أن الشرح في أول الكتاب يختلف عن الشرح في آخره، وهذا شيء ملاحظ يعني، وسببه الملل من قبل كثير من الطلاب، المطالبة قوية بأن ننهي الكتاب، وننجز الكتاب.

يقول:

"وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطش)) " عطش عطشاً شديداً كاد أن يهلك منه ((فوجد بئراً فنزل)) نزل في البئر ليشرب منه، ليستقي منه، ((فنزل فيها فشرب وخرج، فإذا كلب يلهث)) والشيء بالشيء يذكر، عطشه قبل شربه ذكره بحاجة هذا الكلب الحاجة الشديدة، ولو لم يمر به هذا العطش ما أدرك مثل هذا العطش من هذا الكلب.

((فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى)) التراب الندي، يأكله من العطش؛ لأن فيه شيء من الرطوبة، "يلهث" وهذه صفة للكلب ملازمة له، {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} [(176) سورة الأعراف] هو في لهث دائم، لكنه واضح عليه العطش، وإلا قد يقول قائل: على ما استدل؟ أو بما استدل على عطشه؟ واللهث صفة ملازمة للكلب، حتى لو شرب لهث، لو حملت عليه لهث، وإن تركته لهث، لكن استدل بالقرائن، إما لبعد الماء مثلاً، أو لشدة حرارة في الجو، استدل به على أن لهثه بسبب العطش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015