"قال مالك: وذلك فيما نُرى -أي نظن- والله أعلم أنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به" كلام ابن عباس يشمل صاحبها الذي ابتاعها منه ويشمل غيره حتى يقبضها، فإذا قبضها جاز له أن يبيعها على من شاء؛ لأنه ثبت ملكه لها واستقر فلا يمنعه من بيعها على أي أحد كان, "وذلك فيما نُرى -والله أعلم- أنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به" فيتهمان على السلف بزيادة, كأنه كأن العقد الحقيقي بينهما دراهم بدراهم، لكن بدلاً من أن يكون العقد مكشوف مجمع على تحريمه, يدخلون بينهم هذه السلعة, فإذا باعها من صاحبها ظهرت التهمة, التهمة ظاهرة, وإن باعها من غيره فالمسألة فيها أخف عند مالك, يقول: "كأنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به" فيتهمان على السلف بزيادة، وجعل العقد على هذه السلعة هي السبائب صوري, لمجرد التحليل, يعني مثل مسألة قريب من مسألة العينة, قريبة الشبه من مسألة العينة, السلعة مجرد تحليل, وحيلة للوصول إلى ما حرم الله -جل وعلا- "ولو أنه باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن بذلك بأس" يعني عند مالك لا عند ابن عباس, عند ابن عباس لا بد أن يقبض السلعة قبل أن يبيعها, سواء كان على صاحبها أو على غيره لا بد من قبضها, وعند مالك لم يكن بذلك بأس؛ لانتفاء التهمة؛ لأنه استقر ملكه لها بمجرد العقد ودفع الثمن, ولو لم يقبض عند مالك, فيجوز لانتفاء التهمة, قال أبو عمر: مذهب ابن عباس أن العرض كالطعام يمنع بيعه قبل قبضه؛ لأنه عنده من ربح ما لم يضمن خلاف ما ظنه مالك, قال ابن عباس: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام, وحجة مالك ومن يقول بقوله أن النبي -عليه الصلاة والسلام- خص الطعام، تقدمت النصوص في ذلك, نهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى, فيه أكثر من حديث, النبي -عليه الصلاة والسلام- خص الطعام, فإدخال غيره في معناه بلا أصل ولا قياس زيادة على ما نص عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يزاد على النص إلا ما جاء عن الله -جل وعلا-، وعلى لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-.