"قال مالك: ومن صبر صبرة طعام وقد علم كيلها ثم باعها جزافاً وكتم المشتري كيلها فإن ذلك لا يصلح" كتم على المشتري كيلها, لا سيما إذا كان هذا التصبير منطوي ومشتمل على شيء من الخداع, يعني جعل هذه الصبرة على مكان مرتفع, فمن رآها ظن أنها ضعف ما هي عليه في الواقع, مثل هذا لا بد أن يخبر, "فإن أحب المشتري أن يرد ذلك الطعام على البائع رده بما كتمه كيله وغره" ما يشترط له كيل معين, وإنما أنا اشتريت منك جزاف أرد عليك جزاف, ما يقول البائع: أنا بعتك صبرة ثم بعد ذلك يسأله: كم أنت مقدر الصبرة؟ أنا ما أدري، يقول البائع: ما أدري وهو يدري, يقول للمشتري: كم تقدرها أنت؟ يقول: مائة وخمسين صاع, وهي في واقعها مائة صاع, يقول: أنت يمكن إنك أخذت أو أخذ منها وأنت لا تدري, لا أقبلها منك إلا كيل, على ما تقدره أنت, وهو يعرف أنه مسترسل يزيد, نقول: ما دام اشترى جزاف يرد جزاف، يرد كما اشترى.
"فإن أحب المشتري أن يرد ذلك الطعام على البائع رده بما كتمه كليه وغره وكذلك كل ما علم البائع كيله وعدده من الطعام وغيره ثم باعه جزافاً ولم يعلم المشتري ذلك فإن ... " يعني هذا في جميع السلع, يعني شخص طالب علم عنده مكتبة فيها ألف مجلد, جاء زبون قال: أنا أريد أن أشتري المكتبة, كم فيها مجلد؟ الله أعلم ما أدري أنا أجيب وأحط بالرفوف وما أدري, وهو عاده قبل ما يدخل بالمجلد, ثم جاء المشتري وعد الدواليب وضرب وجمع، قال: ما شاء الله ألفين مجلد حد, إي لا بد أن يخبر بالواقع, ذاك يعرف العدد, لو كان ما يعرف العدد أمر سهل, لكن يعرف العدد أنه عدها قبل حضوره, ولم تزد ولا مجلد واحد, عدها بالمجلد طلعت ألف, لا تزيد ولا تنقص, ثم جاء الزبون, وبعض الزبائن ما يحسن التقدير, نعم بعض الناس يحتاط لنفسه, فإذا قيل له: سم, سام على أنها خمسمائة ما هي بألف هذا من شدة احتياط بعض الناس, لكن بعض الناس أمره ماشي, أموره ماشيه بالبركة, ضرب شاف كم دالوب قال: عشرة دواليب, ما شاء الله كل دالوب يمكن فيه مائتين, إذا ألفين مجلد, مثل هذا لا بد أن يخبر بالعدد, على قول الإمام مالك, ولو كانت بالجملة ما هي بالمجلد.