فالنفس تحتاج إلى فطام، وهي تقول له: إنما هي عشر ليالٍ كيف عشر ليال؟ اصبر عشر ليال ولا أربع ولا أقل ولا أكثر، بعض الناس ما يطيق ساعة صبر، وإذا كان في مجلس حشمة وبين أناس يستحيي منهم يعد نفسه في سجن، يتثاقل كثير من الإخوان الذين عودوا أنفسهم على كثرة القيل والقال، يعني لا يطيق مجالسة أهل التحري، والتثبت، ولذلك استثقل الناس أو يستثقلون النقد، يعني لو واحد جالس في مجلس ثم تكلم شخص بكلام ثم انتقد صار عليه أشد من وقع السيوف، لماذا؟ لأن الإنسان إذا عود نفسه على شيء صعب عليه الفطام منه، ويصعب عليه أيضاً مواجهته بما يظن أنه يسوؤه ولو كان نصح وتوجيه، ولو كان خالياً به، والسبب في هذا أن النيات مدخولة وإلا المفترض أن الإنسان يفرح إذا انتقد، أن يبين له الخطأ فيكف عنه، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((الدين النصيحة)).
"إنما هي عشر ليال" يعني تقللها "فإن تخلج في نفسك شيء فدعه" نعم إن تحرك في نفسك شيء وقلقت منه فدعه، يعني فشككت فيه فدعه، فاتركه خشية أن يكون إثماً، وفي الحديث: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) اترك ما تشك فيه إلى ما لا تشك فيه، بعض الناس إذا اشترى بضاعة، اشترى بضاعة فقيل له: كم الحساب؟ قال: ألف، قال لصاحب البضاعة: ألف، مجموعة من البضائع لما جمعها صاحب الحساب ألف، وهو يتوقع أنها ألف ومائتين مثلاً، المشتري، نعم لا يراجع صاحب السلعة، ويقول: لعلك تركت شيء بدون حساب، أو غلطت في الحساب، ولا يتأكد مع أن الأصل إذا غلب على ظنه أنه أخطأ في حسابه عليه أن يراجعه، يجب عليه أن يراجعه إذا غلب على ظنه، وإذا كان يعرف أسعار المفردات عليه هو أن يجمع، ويرجع إليه فيقول: نسيت كذا أو تركت كذا، والصحيح أن المجموع كذا؛ لأن اليوم في درهم ودينار تستطيع أن توفي، لكن غداً من أين؟ وبعضهم يقول: لا، ما دام هو قال لي: المطلوب ألف نعطيه ألف، وليس لنا أن ندقق أكثر من هذا، وهو صاحب الشأن، فإذا غلب على الظن وجب عليه، وإذا شك واستوى عنده الأمران فالمسألة ورع، ما يدري كم المجموع؟ المسألة ورع، يعني إن تخلص من هذا المشكوك فيه فهو الأصل.