"ثم أتي بلحم صيد" الآن هذه .. ، رأيت عثمان بن عفان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، كل هذه الملابسات للقضية تدل على أن الراوي ضبط القضية وأتقنها، ذكر المكان بالعرج ليبين أن الراوي ضبط ما حصل له في هذا المكان بدليل أنه ذكر المكان الذي حصل فيه هذا الخبر، وهذا التصرف في يوم صائف، قد غطى وجهه بقطيفة، هذه وإن كان فيها أو يؤخذ منها أحكام إلا أن المقصود "ثم أتي بلحم صيد فقال لأصحابه: كلوا، فقالوا: أو لا تأكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم -يعني لست مثلكم، لست كصفتكم هذا الصيد- إنما صيد من أجلي" وأنا محرم، فدل على أن المحرم لا يؤكل ما صيد لأكله، بخلاف ما صيد لا لأجله فإنه يأكل.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت له" عن هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين خالته؛ لأن عائشة خالة عروة خالة عبد الله بن الزبير، أخت أسماء أمهما "أنها قالت له: يا ابن أختي -أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين- إنما هي عشر ليال" يعني تحمل، واصبر عما ألفته نفسك هي عشر ليال، لكن من يطيق الصبر عما ألفته نفسه في هذه الليالي العشر وفي غيرها إذا كان قد أطلق لنفسه العنان؟ كل على قدره سواءً كان ممن استرسل في المحرمات، لا يطيق الصبر عنها ولا في عشر ليال، ولا في الأربع الليالي، إذا كان قد أطلق لنفسه العنان في المكروهات، في الشبهات، في المباحات، كل على قدره، فالنفس تحتاج إلى فطام في الرخاء.
النفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم