والنبي -عليه الصلاة والسلام- حدد هذه الأماكن لأهل تلك الجهات، وكلامه ظاهر في هذا، ما دام حدد شرعاً هذا المكان لهذا العمل فكما أنه لا يجوز أن يتجاوز لا يجوز أن يتجاوز بدون إحرام فلا يجوز أن يتقدم، هذا في الأصل، لكن ابن المنذر نقل الإجماع على جوازه، على جواز الإحرام قبل الميقات، وابن عمر -على ما سيأتي- أهل من إيلياء من بيت المقدس، وغيره أيضاً أهل بالبصرة، وثالث أهل من كرمان من الصحابة، وجاء في تفسير قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] نقل عن علي -رضي الله عنه- أنه قال: "إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك"، النبي -عليه الصلاة والسلام- حدد هذه الأماكن، وفرض المواقيت، وأحرم من الميقات، ولولا ما جاء عن الصحابة في هذا لقلنا بقول الإمام البخاري؛ لأن الزيادة على العبادة مما لم يرد به نص بدعة، والزيادة على ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- قد يأخذ منه بعض الجهال أن هذا أكمل من عمله -عليه الصلاة والسلام-، وبعض الصحابة أحرم قبل الميقات كما سيأتي أن ابن عمر أحرم من إيلياء، وأحرم عمران بن حصين من الشام، وأحرم بعضهم من البصرة، وبعضهم من كرمان، وكره عثمان -رضي الله عنه- الإحرام بالحج من كرمان؛ لأنه وجد في وقته من أحرم منه، لولا هذه النصوص لاتجه القول بعدم الجواز، كما أنه لا يجوز أن تتأخر عنها لا يجوز أن يتقدم عليها، ولو زعم من فعل ذلك أنه فعله احتياطاً، كيف يحتاط في مسألة شرعية عمل القدوة والأسوة على خلاف الاحتياط، ولا شك أن الاحتياط في ترك هذا الاحتياط.