يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح" أحد العشرة المبشرين بالجنة، أمين هذه الأمة "قالوا له: خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة؟ " النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) وهم يقولون: خذ، جادت أنفسهم بهذا، من غير إلزام "فأبى" لأنه لا صدقة فيها "ثم كتب إلى عمر بن الخطاب" لئلا يفتأت على ولي الأمر، ويأخذ رأيه في المسألة "فأبى عمر" امتنع؛ لأنه لا زكاة فيها؛ لئلا يقع في ظلمهم؛ لأنه إذا قبلها منهم يأتي من يأتي فيما بعد، ويستدل بفعل عمر وأخذه الزكاة من الخيل والرقيق، فيقول: إن عمر أخذ الزكاة، لكن بين لهم الوجه "ثم كلموه أيضاً، فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر: إن أحبوا" يعني إن أرادوا أن يدفعوا بطوعهم واختيارهم من غير إيجاب ولا إلزام "إن أحبوا فخذها منهم تطوعاً، وارددها عليهم" وفسر الإمام مالك -رحمه الله تعالى- وارددها عليهم، يقول: على فقرائهم، لا عليهم أنفسهم؛ لأنهم أخرجوها بطوعهم لله تعالى تطوعاً، فلا ترد عليهم، لكن ويش المانع أن ترد عليهم بطريق غير مباشر في مصالحهم العامة؟ ما في ما يمنع أبداً.
"وارزق رقيقهم" أي المحتاج منهم، وإلا فالأصل أن نفقة الرقيق على سيده، المقصود أنها ترد على فقرائهم، وتستغل في مصالحهم العامة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي" أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم "وهو بمنى أن لا يأخذ من العسل ولا من الخيل صدقة" وهو بمنى حاج، والحج مظنة أن يباع فيه هذه الأمور، وتجلب إلى مكة وإلى منى والمشاعر، قد يحتاج الإنسان للأكل ومعه بضاعة يبيعها، وقد يحتاج إلى بيع فرسه مضطراً إلى ذلك، لكن لا يؤخذ من هذه الأمور صدقة، والأئمة عامتهم على أنه لا زكاة في العسل، وأما ما ورد فيه، وأنه يؤخذ منه العشر، فقد ضعفه الإمام أحمد.
قال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث حسن يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن بكل عشر قرب قربة، وبه قال أبو حنيفة، في زكاة العسل.