"فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق جمع عليه بعض ذلك إلى بعض، ووجبت فيه الزكاة، فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه" عنده خمسون صاعاً من الشعير، وخمسون صاعاً من الذرة، وخمسون صاعاً من .. ، أو مائة أو مائتين من القمح، المقصود أن المجموع يكمل نصاب، يضم بعضه إلى بعض، يعني نظير ما يقال في الذهب والفضة، يكمل بعضها بعضاً؛ لأن أغراضها واحدة، من هذه الحيثية نضرب، يورد إشكال ويجيب عنه "فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه" القول بأن هذه الأصناف الداخلة تحت جنس واحد؛ لأن هناك الجنس والصنف والنوع والضرب في ألفاظ متقاربة، لكن بينها عموم وخصوص، الأعم الجنس، ثم الصنف، ثم النوع، ثم الضرب على خلاف بينهم في ترتيبها، المقصود أن الجنس هو الأعم، بما قاله الإمام في ضم هذه الأنواع الداخلة تحت جنس واحد، قال الحسن وطاوس والزهري وعكرمة، وقال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأبو ثور: لا تضم كل حبة عرفت باسم منفرد دون صاحبها، وهي خلافه في الخلطة والطعم، يعني ما تستطيع أن تأتي بكيس ذرة، وكيس شعير، وكيس حنطة وتخلطهما معاً، تخلط الثلاثة معاً وتخرج طعام واحد كل حبة عرفت باسم منفرد لا تضاف إلى غيرها، الشعير يحتاج إلى نصاب، الحنطة تحتاج إلى نصاب، الذرة تحتاج إلى نصاب .. إلى آخره، هذه لا يضاف بعضها إلى بعض عند الأئمة الثلاثة.
الشافعي وأحمد قد يتصور الخلاف بينهما مع الإمام مالك؛ لأننا إذا قلنا: مائة صاع شعير، ومائة صاع حنطة، ومائة صاع ذرة، عند مالك تجب فيها الزكاة وإلا ما تجب؟ تجب؛ لأنا بنضيف بعضها إلى بعض، وهي نصاب، لكن عند الشافعي وأحمد لا تجب، عند أبي حنيفة تجب وإلا ما تجب؟ تجب، لماذا؟ لأنه يضيف بعضها إلى بعض كمالك؟ لا، لماذا؟ لا يشترط النصاب ((فيما سقت السماء العشر)) يعمل بعموم هذا، فكونه لا يرى النصاب في هذا، فيتفق مع مالك، لكن لا من حيث المأخذ إنما في المآل يتفق معه، ولذا قال الباجي: ولا يتجه بيننا وبين أبي حنيفة اختلاف في الحكم؛ لأنه لا يراعي النصاب في الحبوب كلها، فيزكي القليل والكثير منها.