"اروِ الحديث" يعني اعتني بالحديث من حيث الرواية، فعليك أن تعنى به وبأسانيده، وبدرجاته من حيث الثبوت وعدمه، ترويه بإسنادك إن تيسر، ولم يشغلك ذلك عن تحصيل المهمات؛ لأن بعض الناس يحرص على رواية الحديث، ويجمع الأجايز الكثيرة، ويكون على حساب تحصيل متين العلم لمجرد اسم الرواية، وتجده ينتقل من بلد إلى بلد من أجل أن يروي بالإجازة عن فلان أو فلان المرضي وغير المرضي، فإذا أدرك الإنسان إجازة من شيخ يتشرف بالانتساب إليه تكفيه، أما أن يضيع عمره وأوقاته وجهده في التنقل من بلد إلى بلد من أجل أن يقال: والله عنده مائة إجازة، أو أكثر أو أقل هذه حقيقة مرة.
اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ ... ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي
وأهله المراد به من يعتني به علماً وعملاً وتعليماً، لا يكفي أن يكون حافظاً للحديث من دون علم، ومن دون عمل، لا بد أن يكون عالماً بما يحفظ عاملاً به.
اروِ الحديث ولازم أهله فهم الـ ... ناجون نصاً صريحاً للرسول نمي
فلما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الفرقة الناجية، وذكر أن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، وأن هناك الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، وجاء تفسيرهم بمن كان على ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه، قال الإمام أحمد وغيره: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم؟ فعامة أهل العلم على أن المراد بهم أهل الحديث.
"نصاً صريحاً للرسول نمي" يعني رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هم ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) يعني المقتدون به، العاملون بما يسمعون من أقواله، المقتدون بما ينقل من أفعاله -عليه الصلاة والسلام-.
سامت منابرهم واحمل محابرهم ... . . . . . . . . .
"سامت منابرهم" سمت يسمت بالضم أي قصد، يعني اقصد منابرهم "واحمل محابرهم" "سامت منابرهم" يعني اقصدها، ولو قرئ: سامَت يعني: ارتفعت منابرهم، لكن العطف عطف الأمر عليه يدل على أنه أمر لتتم المقابلة "سامِت منابرهم واحمل محابرهم" والمسامتة هذه إما أن تكون بالقصد، أو ليكون على سمتها قريباً منها؛ لأن ما كان على سمت الشيء فهو محاذياً له، مقارباً له.