المقصود أن العلم المعول فيه أولاً وآخراً على نصوص الوحيين، وما يقرأ وما يدرس من علوم أخرى إنما هي من أجل الإعانة على فهم الوحيين، قد يقول قائل: إن من طلاب العلم الآن من ينفق أوقاته بل عمره في علوم فيها شيء من البعد عن كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- يتخصص في اللغة العربية، وينفق عمره ويموت على هذه الحالة، أو يتخصص في أصول الفقه مثلاً، أو يتخصص في أي علم من العلوم، أما إذا تخصص في الحديث أو تخصص في الفقه، واستند في فقهه على نصوص الوحيين هذا متخصص في الوحيين ولا إشكال فيه، إذا كان تخصصه في فقه الكتاب والسنة لا في الفقه الذي هو الرأي المجرد، فقه المقلدة، وإضاعة العمر في كتب التقليد، يدرس روضة الطالبين مثلاً للنووي سنين، أو يدرس الإنصاف اثنا عشر مجلد في سنين، هذا لا شك أنه بعيد عن الوحيين، عن علم الكتاب والسنة، اللهم إلا إذا اتخذ هذا الكتاب الفقهي منهج، وخطة بحث يسير عليها، فينظر في مسائل هذا الكتاب، ويسعى جاهداً للاستدلال لها من الكتاب والسنة، فيكون حينئذٍ يتفقه على الكتاب والسنة بواسطة هذين الكتابين، وإلا بعض الناس يتخصص في الفقه وتعرفون فقهاء المذاهب تنتهي أعمارهم وهم يجعلون أئمتهم هم الأصول، وإذا خالف قول الإمام نصاً من الكتاب والسنة فالمقدم قول الإمام، والنص إما مؤول أو منسوخ، فهل مثل هذا وإن تخصص في الفقه وزعم أنه يدخل في حديث: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) هل يدخل في الحديث؟ لا، لا يدخل يا أخي، هذا يتخصص في آراء الناس، الذي يتخصص في التفسير ومعوله وعمدته في تفسير كلام الله -جل وعلا- على كتب التفسير بالرأي، يمضي عمره في تفسير الرازي، تفسير الزمخشري، تفسير فلان، تفسير .. ، نعم إذا تخصص في التفسير بالأثر، فتخصص في التفسير من خلال تفسير الطبري، تفسير ابن أبي حاتم، تفسير ابن كثير، تفاسير الأئمة، تفاسير السلف، فهذا يدور في فلك الكتاب والسنة، فمعوله على الكتاب والسنة، وقد حضرت مجادلة بين شخص تخصصه في القرآن وعلوم القرآن، وآخر تخصصه في السنة، فقال صاحب القرآن اللي في قسم القرآن قال: يا أخي نحن أهل الله وخاصته، وقال الثاني لأنه يعرف أن زميله هذا وإن تخصص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015