يعني حاسب النفس هل فعلت المأمور وتركت المحظور؟ لكن واقعنا يثقل علينا المحاسبة؛ لماذا؟ لأن تصرفاتنا في يومنا وفي ليلتنا كثيرة، والمخالفات كثيرة، والله يعفو ويسامح، فإذا أراد أن يحاسب كيف يحاسب؟ لا يحيط بما قال فضلاً عما فعل، أقواله لا يستطيع أن يحيط بها، كلامه كثير، تجد الإنسان ثرثار في أي مجلس، يتصدر ويتكلم بحق وباطل مباح ومحظور وفي غيبة ونميمة، وقد يقول كلمة حق، ثم بعد ذلك يردفها .. ، كلام كثير، يعني ما يمكن إلا أن تجيب مسجل يصحبك ليلك ونهارك، فإذا أويت إلى فراشك تسمع هذا المسجل، فتكون مدة التسجيل أكثر من وقت النوم، هذا واقع كثير من المسلمين، هذا الذي يثقل المراقبة، لكن عند سلف هذه الأمة الذين يراقبون ((أن تعبد الله كأنك تراه)) هذه منزلة المراقبة؛ لأن أقوالهم قليلة، وخلطتهم يسيرة، وأضر شيء علي الإنسان الخلطة، هي التي تجر له الأقوال والكلام؛ لأنه ما يمكن يخالط الناس ويسكت، لكن لو انزوى في بيته أو في مسجده أو في مكتبه وجلس يقرأ القرآن، ويذكر الله -جل وعلا-، وينظر في كتب العلم، وإذا نشط صلى له ركعتين، وما أشبه ذلك، هذا مراقبته ومحاسبته سهلة، لأن الكلمات التي تكلم بها مع الناس يسيرة ومعدودة، والوقت وقت الفراغ عنده بعد شغل عمره وأنفاسه في طاعة الله وقت فراغه يسير، لكن ماذا عن من وقته كله يجوب الأسواق يميناً وشمالاً واجتماعات ومحافل، وما أدري ويش؟ يعني هذا لا شك أن المراقبة عنده صعبة، يعني كمن يأتي إلى مؤسسة كبرى متعددة المناشط والفروع، ثم يقول: والله أنا محاسب لهذه الشركة، كيف تحاسب هذه الشركة؟ لكن شخص عنده محل ويبيع منه أشياء يسيرة يعرف ويش باع؟ ويش اشترى؟ وكذا يستطيع أن يخرج خلاصة يومية بنفسه، ما يحتاج إلى محاسبين، والله المستعان.
وأوقف النفس عند الأمر هل فعلت؟ ... والنهي هل نزعت عن موجب النقمِ؟
فإن زكت فاحمد المولى مطهرها ... . . . . . . . . .
الذي طهرها وزكاها هو الله -جل وعلا- وهو المنعم المتفضل أولاً وآخراً، وهو أهل الحمد وأهل الشكر.
. . . . . . . . . ... ونعمة الله بالشكران فاستدمِ