وأمَّا قَولُ النَّاظم: أَوْ جَمْعٍ أي ما قُيِّدَ بِجَمْعٍ مُعَينٍ مثل ما قُيِّدَ بتفردِ أَهل بَلْدَةٍ مُعينة برِوَايةِ حَدِيثٍ مَا، ولا يُرْوَى إلا مِن طَرِيقِهم، كَقَولِ النُّقاد: "هَذَا حَدِيثٌ لم يروه إلا أهلُ الشَّامِ أو أَهلُ الْمَدِينة"، وهَذَا هُو التَّفرد النِّسبيّ أي نسبةً لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ، ومثاله: مَا أخرجه أَبُو دَاوُدَ في السنن فقال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذَجَيْنِ، فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ». (?)
وأمَّا قَولُ النَّاظم: أوْ قَصْرٍ عَلَى رِوَايةِ معناه: ما تَفَرَّدَ بهِ رَاوٍ مَقْصُورًا عَلَى رِوَايةِ راوٍ مُعَيَّنَةٍ، ومثاله: ما أخرجه أَبُو دَاوُدَ في السنن فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ الْمَعْنَى قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ بِلالاً أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: «أَلا إِنَّ الْعَبْدَ، قَدْ نَامَ أَلا إِنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ»، زَادَ مُوسَى: فَرَجَعَ فَنَادَى: أَلا إِنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَيُّوبَ، إِلا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ». (?)
والخلاصة: أنَّ التَّفَرد عِنْدَ النَّاظِمِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ:
1 - التَّفرد الْمُقَيَّد بِثقةٍ، وهو أَنْ يَتَفَرَّدَ ثِقَةٌ مِن أَصْحَابِ رَاوٍ مُعَيَّنٍ بِالحَدِيثِ عَنه.
2 - التَّفرد النِّسبيّ أي نسبةً لِجِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وهو ما قُيِّدَ بِتَفَرّدِ أَهْلِ بَلْدَةٍ مُعينة.
3 - أَنْ يتَفَرَّدَ الرَّاوِي برِوَايةِ راوٍ مُعَيَّنَةٍ مَقْصُورةً عَلَيه، مثل: تَفْرَّد بِهِ فُلانٌ عَنْ فَلانٍ.