فجوابه بالجزم دليل على أنه في مذهب الأمر، كأنه قال. "اثْبُتي تحمدى، أو تستريحي". ومن ذلك ما حكاه الفرّاء من قول بعض العرب: "مكانَكَنِي" لما وضعه موضعَ "أُنْظِرْني"، ألحقه النون المزيدةَ لسلامة الفعل من الكسر، نحو: "خُذنِي" و"أَنْظِرْني". وهذه مبالغة في إجراء هذه الظروف مُجرى الفعل، ولكونِ هذه الظروف في مذهب الفعل ونائبةً عنه، لم تكن معمولة لغيرها, ولا الحركة فيها بحركةِ إعراب، وإنما هى حركةُ بناء مَحكيةٌ جائيَة بعد النقل على ما كانت عليه قبله، إلَّا أنها لما لم تكن بعامل، كانت بناءً، ويجوز أن لا تكون حكايةً، وإنما هي بناءٌ؛ لأنه لما سُمي به في حالِ إِضافته، صار كالاسم الواحد، وصار الأوَّل كالصدر للثاني، ففتُح الأول كفتح "حَضْرَمَوْتَ"، وليست الفتحة فيه الفتحة التي كانت له في حال إعرابه.

وأمّا الكاف في "عندك"، و"دونك" ونحوهما من الظروف المسمى بها الأفعالُ، فإنها أسماءٌ مخفوضةُ الموضع؛ لأنها قبل التسمية بها كانت أسماء مخفوضة, لا محالةُ. والتسميةُ وقعتْ بها، فكانت باقية على اسميّتها، إذ التسمية لا تُحِيلها. ألا ترى أن نحو"تَأبطَ شَرًّا" لمّا وقعتِ التسميةُ بالجملة، حُكيت، وكان الاسمُ الثاني منصوبا كحاله قبل التسمية.

وذكر ابن بابْشاذ أن الكاف في هذه الأسماء حرفُ خطاب على حدها في "روَيْدَكَ"، و"ذلِكَ" و"النجاءَكَ". واحتجّ بأنها أسماء أفعال، وأسماء الأفعال في مذهب الفعل، فلا تضاف. هذا معنى كلامه، والمذهبُ الأول؛ لأن التسمية في "دونك"، و"عندك"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015