وربّما قالوا: "شتّان ما بين زيد وعمرو"، قال رَبِيعةُ الرقيُّ [من الطويل]:
536 - لَشتانَ ما بين اليَزِيدَيْن في الندَى ... يَزِيدِ سُلَيْم والأغَرِّ ابن حاتِمِ
وكان الأصمعيّ يُنْكِر هذا الوجه ويأباه، وحجّتُه أنّ "شتان" نابَ عن فعلٍ تقديرُه: "تَفرق" و"تَباعَد"، وهو من الأفعال التي تقتضي فاعلَيْن؛ لأن التفرّق لا يحصل من واحد. والقياسُ لا يأباه من جهة المعنى؛ لأنه إذا تَباعد ما بينهما، فقد تباعد كل واحد منهما من الآخَر. ولو قال: "شتان زيدٌ أو عمرو"، لم يجز؛ لأنّ "أو" لأحدِ الشيئَيْن، والافتراقُ لا يكون من واحد.
ومن ذلك "سَرْعَانَ"، والمراد: سَرُعَ، وفُعل به ما فُعل بـ "شتان" من البناء والفتح. وفي المَثل: "سَرعَانَ ذا إهالة" (?)، أي: ما أسرعَ هذه الإهالةَ! والإهالةُ: الشحْم المُذاب. زعموا أن بعضَ حَمْقَى العرب اشترى شاة، فسال رُعامُها، فتَوهمه شَحْمًا مُذابًا، فقال لبعضِ أهله: خُذْ من شاتنا إهالتَها، فنظر إلى مُخاطها، فقال: سرعان ذا إهالة! فـ "إهالةً" منصوبٌ على التمييز. وقيل: إنّ بعضهم استضاف بقومٍ، فعجّلوا له إهالة، فقال: سَرْعانَ ذا إهالةَ!
وقالوا: "وَشكانَ وأشْكانَ ذا خروجًا"، أي: سرُع، وقرُب، و"خروجًا" نصب على التمييز، أي: مِن خُروجٍ.