خُروجًا"، أي: وَشُكَ، و"أُفٍّ" بمعنَى " أتَضَجرُ"، و"أوَّه" بمعنَى "أتَوَجعُ".
* * *
قال الشارح: قد ذكرنا أن بابَ أسماء الأفعال الأغلبُ فيها الأمرُ؛ لأنّ الغرض منها مع ما فيها من المبالغة الاختصارُ، والاختصار يقتضي حذفًا، والحذفُ يكون مع قوّةِ الحلم بالمحذوف. وهذا حكمٌ مختصٌّ بالأمر لِما ذكرناه, لأنّ الأمر يُستغنى فيه في كثير من الأمر عن ذكرِ ألفاظِ أفعاله بشواهدِ الأفعال. والخبرُ ليس كالأمر في ذلك، فلذلك قل في الخبر، إلَّا أنه لمّا كان الحذف أيضًا قد يقع في بعض الأخبار لدلالة الحال على المراد، ووُضوحِ الأمر فيه، وكَونِهِ محذوفًا كمنطوقٍ به لوجودِ الدليل عليه، استُعمل في الخبر بعضُ ذلك، فجاءت فيه كما جاءت في الأمر، ألَّا أنّها قليلة بالإضافة إلى ما جاء في الأمر. وبابُه السماع دون القياس.
فمن ذلك قولهم: "هَيْهاتَ"، وهو اسم لـ "بَعُدَ"، وإن ما عدلوا عن لفظ الفعل لضرب من المبالغة، فإذا قال: "هيهات زيدٌ"، فكأنه قال: "بَعُدَ جِدًّا"، أو"بَعُدَ كُل البُعْدِ". ولعله يخرج في كثيرِ من الأمر إلى أن يُؤيس (?) منه، وهو مبني لوقوعه موقع الفعل المبني، وهو "بَعُدَ"، ويقع الاسمُ بعدها مرفوعًا بها ارتفاع الفاعل بفعله, لأنها جارية مجرى الفعل، فاقتضت فاعلًا كاقتضائه الفعلُ. قال جَرِير [من الطويل]:
531 - فهيهاتَ هيهاتَ العَقِيقُ وأهْلُهُ ... وهيهاتَ خِلٌّ بالعقيق نُواصِلُهْ