وهذا بابُه الشعر، وفي حال الاختيار عنه مندوحة. ويونسُ (?) يجعله من قبيلِ "أشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ" في تعليق الفعل عن العمل سواء كان من أفعال القلب، أو لا يكون، ويُجيز "لأضربن أيَّهُم هو أفضلُ"، ويُعلق الضرب. وهذا ضعيف؛ لأن التعليق ضربٌ من الإلغاء. ولا يجوز أن يُعلَّق من الأفعال عن العمل إلَّا ما يجوز إلغاؤه، والذي يجوز إلغاؤه أفعالُ القلب، نحوُ: "ظننتُ"، و"علمتُ"، والكوفيون لا يروون "لأضربنّ أيهُم قائمٌ" بالضم، ولا يقولونه إلَّا منصوبًا. ويعضُد ما قالوا ما حكاه الجَرْمي، قال: من حينِ خرجتُ من الخَنْدَق، يعني خندقَ البصرة، حتّى صرتُ إلى مكةَ، لم أسمع أحدًا يقول: "اضرب أيهُم أفضلُ"، أي: كلهم ينصب. وهذه الحكايةُ لا تمنع أن يكون غيرُه سمع خلافَ ما رواه، ويكونَ ما سمعه لغة لبعض العرب. وذلك أنّ سيبويه سمع ذلك وحكاه. ويدل على ذلك قولُه (?): وسألتُ الخليل عن قولهم: "اضرب أيّهم أفضلُ"، يعني العربَ، وقال: القياسُ هو النصب. وتأوُّلُ الرفع على الحكاية، وأنشد أبو عمرو [من المتقارب]:
492 - إذا ما أتَيْتَ بَنِي مالك ... فَسَلمْ على أيهُمْ أفْضَلُ