في التعريف والتنكير، كما كان ذلك في النعت؛ لأنّ النعت من تمامِ المنعوت، وتَحْليةٌ له، والبدلُ منقطِعٌ من المبدل منه، يقدَّر في موضعِ الأوّل على ما ذكرنا. فلذلك يجوز بدلُ المعرفة من المعرفة، والنكرةِ من المعرفة، والنكرِة من النكرة، والمعرفةِ من النكرة.
فمثالُ الأول: - وهو بدل المعرفة من المعرفة - قولك: "مررت بأخيك زيدٍ"، فـ "زيدٌ" بدل من "الأخ"، وكلاهما معرفةٌ. ومثلُه قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (?)، فالصراطُ الأوّلْ معرفةٌ باللام، والثاني معرفةٌ بالإضافة، وقد أُبدل منه لتأكيد البيان.
ومثالُ الثاني: -وهو بدلُ النكرة من المعرفة - قولُك: "مررت بأخيك رجلٍ صالحٍ"، فـ "رجلٌ صالحٌ" نكرةٌ، وهو بدلٌ من "الأخ".
قال الله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} (?)، فـ "ناصيةٌ" نكرةٌ، وقد أُبدلت من الناصية الأُولى، وهي معرفةٌ.
ولا يحسن بدلُ النكرة من المعرفة حتّى توصَف، نحوَ الآية, لأنّ البيان مرتبِطٌ بهما جميعًا.
ومثالُ الثالث: - وهو بدلُ النكرة من النكرة - قولة تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} (?)، فقولُه: "مفازًا" نكرةٌ، وقد أبدل من النكرة وهو"حدائق"، ومثله قول الشاعر [من الطويل]:
430 - وكُنْتُ كذِي رِجْلَيْن رِجْل صَحِيحَةٍ ... ورِجْلٍ رَمَى فيها الزَّمانُ فشَلَّتِ