فاللام زائدةٌ مؤكّدةٌ للإضافة. ولولا إرادةُ الإضافة، لكان "يا بؤسًا" منوَّنًا. ومن تَكرارِ العامل للتأكيد قولُه تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} (?)، فموضعُ "أنَّ" الثانيةِ موضعُ "أنَّ" الأُولى، وإنّما كرَّرت للتأكيد. وقولُه: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} (?)، فـ "أنَّ" الثانيةُ مُكرَّرة تأكيدًا، فكذلك ههنا يجوز أن يكون تكريرُ الحرف تأكيدًا, ولو كان العاملُ مقدَّرًا، لَكثُر ظهورُه، وفَشَا استعمالُه. وفي عدمِ ذلك دليلٌ على ما ذكرناه. والمذهب الأوّل، وعليه الأكثرُ، ويُؤيِّده قولُك: "يا أخانا زيدُ" بالضمّ لا غيرُ. ولو (?) كان العاملُ الأوّلَ، لوجب نصبُه كالنعت، وعطفِ البيان، فاعرفه.
قال صاحب الكتاب: وليس بمشروط أن يتطابق البدل والمبدل منه تعريفاً وتنكيراً, بل لك أن تبدل أي النوعين شئت من الآخر. قال الله عز وجل: {إلى صراط مستقيم صراط الله} (?) وقال: {بالناصية ناصية كاذبة} (?)، خلا أنه لا يحسن إبدال النكرة من المعرفة إلا موصوفة كـ "ناصية".
* * *
قال الشارح: ليس الأمرُ في البدل والمبدل منه كالنعت والمنعوت, فيلزمَ تطابُقُهما