إنَّه عَلَمٌ اسمُ رجل، وقيل: إِنّه على حذفِ الموصوف، كأنّه أراد: ما ليلي برجلٍ نام صاحبُه، ثمّ حذف الموصوفَ. ومن ذلك قوله [من الرجز]:
جادَتْ بكَفَّيْ كَانَ مِن أرْمَى البَشَرْ
وقبله:
ما لَكَ عندي غيرُ سَهْمٍ وحَجَرْ ... وغيرُ كَبْداءَ شديدةِ الوَتَرْ
الشاهد فيه حذفُ الموصوف، وإقامةُ الصفة التي هي الجملةُ مقامه، والتقديرُ: بكَفَّيْ رجلٍ كان من أرمى البشرِ، وقد رُوي: "بكفّي كان مَن أرمى البشر"، بفتح ميمِ "مَنْ"، أي: بكفّي مَن هو أرمى البشرِ، و"كَانَ" زائدةٌ. وكَبِدُ القَوْس: مَقْبِضُها. وقوسٌ كبداءُ: غليظهُ المَقْبِضِ تملأُ الكفَّ. وجادتْ من الجُودة لا من الجُود. ولو صحّت الروايةُ الأُولى، لم يجز القياسُ عليه لقلّته وشُذوذه في القياس.
وربّما ظهر أمرُ الموصوف، وعُرف موضعه، فيُستغنى عن ذكره ألبتّهَ، وتقع المُعامَلةُ مع الصفة، وتصير الصفةُ كاسم الجنس الدالّ على معنَى الموصوف، وذلك نحوُ قولهم: "الأجْرَعُ"و"الأبْطَحُ"، فالأجرعُ: مكانٌ سَهْلٌ مُسْتَوٍ لا يُنْبِت، يُقال: "مكانٌ أجرعُ"، و"رَمْلَةٌ جَرْعاءُ"، ثمُّ اشتهر المكانُ بذلك، فعُلم مكانه، دمان لم يُذكَر، فقيل: "الأجرعُ"، إذ لا يوصَف بذلك إلَّا المكانُ. وأمّا الأبْطَحُ فالمكان المتَّسِع، ومثلُه البَطْحاءُ، وأصلُه أن يُقال مكانٌ أبطحُ، ثمّ غلبت الصفةُ، وصارت كاسم الجنس.
ومثله الفارسُ، والصاحبُ، والراكبُ، أصلُ ذلك كلّه الصفةُ، وإنّما، غلبتْ، فصارت كاسم الجنس، ولذلك يُجمَع جَمْعَه، فيقال: "فارسٌ وفَوارِسُ، وصاحبٌ وصَواحِبُ، وراكبٌ ورواكبُ"، كما يُقال: "كاهِلٌ، وكَواهِلُ"، فالفارسُ راكبُ الفرس خاصّةً، والراكبُ راكبُ الجَمل خاصّةً، لا يُقال لغيره، والصاحبُ معروفٌ.
ومثلُ ذلك الأوْرَقُ، والأطلسُ، فالأورقُ: المُغْبَرُّ اللَّوْن، كلَوْنِ الرماد، والحَمامةُ