في إجرائه على موضع الباء، إذ كان موضعُها نصبًا على خبرِ "لَيْسَ"، ولو أجراه على اللفظ، لقال: و"لا الحديدِ".
واعلمْ أنّه إذا فصل بين المنفيّ، وصفته بظرف، أو جارّ ومجرور، نحوَ: "لا رجلَ اليومَ ظريفًا"، و"لا رجلَ فيك راغبًا"، امتنع البناءُ, لأنّه لا يجوز لك أن تجعل الاسمَ والصفةَ بمنزلةِ اسم واحد، وقد فصلتَ بينهما، كما لا يجوز لك أن تفصِل بين "عشرَ"، و"خمسةَ" في "خمسةَ عشرَ". ووجهُ الإعراب والتنوينِ إمّا بالنصب، وإمْا بالرفع، نحوُ قولك: "لا رجلَ ظريفًا عندك"، و"لا رجلَ ظريفٌ عندك" فالنصبُ على اللفظ، والرفعُ على المحلّ.
فإن أتيتَ بصفةٍ زائدةٍ، نحوَ: "لا غلامَ ظريفَ عاقلًا عندك"، كنتَ في الوصف الأوّل بالخِيار: إن شئت بنيتَه، ومنعتَه التنوينَ، وإن شئت أعربتَه ونوَّنتَه. ولا يكون الثاني إلَّا منوّنا معربًا، إمّا بالنصب، وإما بالرفع. ولا يجوز فيه البناءُ, لأنّك لا تجعل ثلاثةَ أشياءَ شيئًا واحدًا.
فإن كرَّرتَ الاسم المنفيَّ، نحوَ قولك: "لا ماءَ ماءً باردًا"، فأنتَ في الاسم الثاني بالخيار، إن شئت نوّنتَه، وإن شئت لم تُنوِّنْه، لأنّك جعلتَه وصفًا، كما قالوا: "مررتُ