والمراد: ما يدافع عن أعراضهم إلّا أنا, ولذلك فَصَلَ الضميرَ حيثُ كان المعنى: ما يدافع إلّا أنا. ولولا هذا المعنى لم يستقِمْ, لأنّك لا تقول: "يقوم أنا". فكما جاز "يدافع أنا", لأنّه في معنى "ما يدافع إلّا أنا"، كذلك جاز "أسألُك إلّا فعلتَ" لأنّه في معنى "لا أسألُك إلّا فعْلَكَ".
وأمّا "أقسمتُ عليك إلّا فعلتَ"، فقياسُه، لو أُجْرِيَ على ظاهره، أنّ يقال: "لَتَفْعَلَنَّ", لأنه جواب القَسَم في طَرَفِ الإيجاب بالفعل، فتلزمه اللامُ والنونُ، لكنّهم حملوه على "نشدتُك الله إلّا فعلتَ", لأن المعنى فيهما واحدٌ. قال سيبويه (?) سألتُ الخليلَ عن قولهم: "أقسمت عليك لمَّا فعلتَ وإلاّ فعلتَ "، لِمَ جاز هذا، وإنّما "أقسمتُ" هاهنا كقولك "واللهِ"؟ فقال: وجهُ الكلام: "لتفعلنّ"، ولكنّهم أجازوا هذا, لأنّهم شبّهوه بقولهم: "نشدتُك الله إلّا فعلتَ"، إذ كان المعنى فيهما الطّلَبَ.
وأمّا قولُ ابن عَبّاسٍ: "بالإيواء والنَّصْرِ إلا جلستم"، فهو حديثٌ مشهور، ذكره التَّوْحِيدِيُ في كتابِ البَصائر، وذلك أنّ ابن عبّاس دخل على بعض الأنصار في وَلِيمَةٍ، فقاموا، فقال: "بالإيواء والنصر إلّا جلستم"، وأراد بـ "الإيواء والنصر" قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} (?)، فاستعطفهم بما ورد فيهم، وما هو من خصائصهم. وأمّا حديث عمر: "عزمتُ عليك لَمَّا ضربتَ كاتِبَك سَوْطًا"، ففي هذا الحديث رِوايةٌ أخرى عن يَحْيَى