الإصاخة: الاستماعُ، والناشدُ: الطالبُ، والمُنْشِدُ: المُعَرِّفُ.

الضرب الآخر أن يتعدّى إلى مفعولَيْن من بابِ "نشدتُ". وذلك قولُهم: "نشدتُك اللهُ إلّا فعلتَ"، هكذا حكاه سيبويه (?)، وهو كلامٌ محمول على المعنى، كأنّه قال: "ما أَنْشُدُ إلّا فَعْلَك" أي: ما أسألُك إلّا فَعْلَك، ومثلُ ذلك "شَرّ أهَرَّ ذا نابٍ" (?) "وشيءٌ ما جاء بك"، وجاز وقوعُ "فعلتَ" هاهنا بعد "إلّا" من حيثُ كان دالآ على مصدره، كأنّهم قالوا: "ما أسألك إلّا فَعْلَك". ونحوه ما أنشده أبو زيدٍ [من الوافر]:

316 - فقالوا ما تَشاءُ فقلتُ أَلْهُو ... إلى الإصباح آثِرَ ذي أَثِيرِ

فأوقع الفعلَ على مصدره لدلالته عليه، فكأنّه قال فى الذي جواب "ما تشاءُ اللَّهْوَ"، وإذا ساغ أنّ تحمل "شرٌّ أهَرَّ ذا نابٍ" على معنى المنفيّ، كان معنى النفي في "نشدتُك الله إلّا فعلتَ" أظهرَ، لقُوّةِ الدلالة على النفي بدخول (?) "إلّا" لدلالتها عليه. ألا ترى أنّهم قالوا: "ليس الطيبُ إلّا المِسْكَ"، فجاز دخولُ "إلّا" في قول أبي الحسن بين المبتدأ والخبر، وإن لم يجز "زيدٌ إلّا منطلقٌ" لمّا كان عاريًا من معنى النفي. ومثله من الحمل على المعنى قولُ الآخر [من الطويل]:

317 - [أنا الذائدُ الحامي الذمارَ] وإنّما ... يُدافِعُ عن أَعْراضِهم أَنَا أو مِثْلِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015