وتقول أنا فلان بطلاً شجاعاً وكريماً جواداً, فتحقق ما أنت متسم به, وما هو ثابتٌ لك في نفسك، ولو قلت: زيد أبوك منطلقاً أو أخوك" أحلت, إلا إذا أردت التبني, والصداقة, والعامل فيها أثبته وأحقه مضمراً.

* * *

قال الشارح: الحال على ضربَيْن: فالضرب الأوّل ما كان منتقِلًا، كقولك: "جاء زيدٌ راكبًا"، فـ "راكبًا" حالٌ، وليس الركوبُ بصفةٍ لازمةٍ ثابتةٍ، إنّما هي صفةٌ له في حالِ مَجِيئه. وقد ينتقِل عنها إلى غيرها، وليس في ذِكْرها تأكيدٌ لما أخبر به، وإنّما ذُكرتْ زيادةً في الفائدة وفضلةً، ألا ترى أنّ قولك: "جاء زيدٌ راكبًا" فيه إخبارٌ بالمجيء والركوبِ، إلاّ أنّ الركوب وقع على سبيل الفضلة، وأنّ الاسم قبلَه قد استوفى ما يقتضيه من الخبر بالفعل.

وأمّا الضربُ الثاني، فهو ما كان ثابتًا غيرَ منتقِل، يُذكَر توكيدًا لمعنى الخبر، وتوضيحًا له، وذلك قولُك: "زيدٌ أبوك عَطُوفًا" و"هو الحقُّ بَيِّنًا"، و"أنا زيدٌ معروفًا". فقولك: "عطوفًا" حالٌ، وهي صفةٌ لازمةٌ للأُبُوَّةِ، فلذلك أكّدتَ بها معنى الأُبوّة، وكذلك قولُه: "وهو الحقُّ بيّنًا" أكّد به الحقَّ، لأنّ ذلك ممّا يؤكَّد به الحقُّ، إذ الحقُّ لا يزال واضحًا بَيِّنًا. وكذلك قوله: "أنا زيدٌ معروفًا"، فـ "معروفًا" حالٌ أكّدتَ به كَوْنَه زيدًا, لأنّ معنى مَعْرُوفًا: لا شَكَّ فيه، فإذا قلت: "أنا زيدٌ لا شكّ فيه"، كان ذلك تأكيدًا لِما أخبرتَ به، قال الله تعالى: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا}، فـ "مصدّقًا" حالٌ مؤكِّدةٌ، إذ الحقُّ لا ينفَكُّ مصدّقًا. ومثله قولُ ابن دارَةَ [من البسيط]:

284 - أَنَا ابنُ دارَةَ مَعْروفًا بها نَسَبِي ... وهَلْ بدارةَ يا لَلنّاسِ مِن عارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015