فَرْقَ بين الحال في النكرة، والصفةِ في المعنى. وقد جاءت مصادرُ في موضع الحال، لفظُها معرفةٌ، وهي في تأويل النكرات. فمنها ما فيه الألفُ واللام، ومنها ما هو مضافٌ، فأمّا ما كان بالألف واللام، فنحو قولهم: "أرسلها العِراكَ". قال لَبِيدٌ [من الوافر]:
281 - فأرْسَلَهَا العِراكَ ولم يَذُدْهَا ... ولم يُشْفِقْ على نَغَصِ الدِّخالِ
فنصب "العِراكَ" على الحال، وهو مصدرُ "عَارَكَ يُعَارِكُ مُعارَكةً، وعِراكًا"، وجعل "العِراكَ" في موضع الحال، وهو معرفةٌ، إذ كان في تأويل مُعْتَرِكَةٌ. وذلك شاذٌّ لا يُقاس عليه، وإنّما جاز هذا الاتّساعُ في المصادر، لأنّ لفظها ليس بلفظ الحال، إذ حقيقةُ الحال أن تكون بالصفات، ولو صرّحت بالصفة، لم يجز دخولُ الألف واللام، لم تقل العربُ: "أرسلها المعترِكة"، و"لا جاء زيدٌ القائمَ"، لوُجودِ لفظ الحال. والتحقيقُ أنّ هذا نائبٌ عن الحال، وليس بها، وإنّما التقديرُ: أرسلها معترِكةً، ثم جُعل الفعل موضع اسم الفاعل لمشابَهته له، فصار "تعترِكُ". ثمّ جُعل المصدر موضع الفعل لدلالته عليه، يقال: "أَوْرَدَ إبله العِراكَ" إذا أوْردها جميعًا الماء، من قولهم: "اعترك القومُ"، أي: ازدحموا في المُعْتَرَك.
وأمّا ما جاء مضافًا، فنحو قولك: "مررتُ به وَحْدَه"، و"مررتُ بهم وَحْدَهم"، فـ "وحده" مصدرٌ في موضع الحال، كأنّه في معنى "إيحادٍ"، جاء على حذف الزوائد، كأنّك قلت: "أوحدتُه بمُروري إيحادًا"، أو "إيحادٌ" في معنى مُوحَدٍ، أي: مُنْفَرِدٍ، فإذا