ترويحتَيْن، و"زمنَ نحرِ جزوَرْين"، والمرادُ مُدَّةَ هذا الزمنِ. و"الترويحتين": تثنيةُ "الترويحة" واحدة التراوِيح في الصلاة. يقال: "صلى ترويحتَيْن"، و"صلّى خَمْسَ ترويحاتٍ"، وهي أزمنةٌ مُوَقَّتةٌ تقع في جوابِ "مَتَى" من حيثُ هي موقَّتة، فيقال: "متى سِيَر عليه"؟ فيقال: "خفوقَ النجم، ومقدم الحاجّ، وصلاة العصر". وتقع في جواب "كَمْ" من حيث كانت مُدَّة معلومةً، فإذا قيل كم سير عليه"؟ جاز أن يكون جوابه: مقدمُ الحاجّ، وخلافةُ فلان، إن شئت رفعتَه بفعل ما لم يسمَّ فاعله، وإن شئت نصبته على الظرف. كلُّ ذلك عربىٌّ جيّدٌ، وقد تقدّم علّةُ ذلك.
فأمّا قوله تعالى: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} (?) قُرىء بكسر الهمزة وفتحِها (?)، فمن كسر كانت مصدرًا، جُعل حينًا توسُّعًا، فهو من باب "خفوق النجم"، و"مقدمَ الحاجّ"، ومَن فتح الهمزة كان جمعَ "دُبْرٍ" على حدّ "قُفلٍ"، و"أقْفالٍ"، أو"دُبُرٍ" على حدّ "طُنُبٍ"، و"أَطْنابٍ"، وقد استُعمل ذلك ظرفًا، كقولك: "جئتُك في دُبْرِ كل صلاةٍ، وفي أدْبارِ الصلوات". قال الشاعر [من الطويل]:
257 - على دُبُرِ الشَّهْرِ الحَرَامِ بأَرْضِنَا ... وما حَوْلَها جَدَّتْ سِنُونَ تُلَمِّعُ
فقراءةُ مَن كسر الهمزةَ أدْخلُ في الظرفيّة من قراءةِ مَن فتح. ولذلك يَقِلّ ظهورُ "في" مع المكسورة بخِلافِ مَن فتح.
قال صاحب الكتاب: "وقد يذهب بالظرف عن أن يقدر فيه معنى "في" اتساعاً،