قال الشارح: اعلم أن المفعول لمّا كان فضلةً تستقلّ الجملةُ دونه، وينعقِد الكلامُ من الفعل، والفاعل بلا مفعول، جاز حذفُه وسقوطُه، وإن كان الفعلُ يقتضيه، وحذفُه على ضربين:

أحدهما: أن يُحذف وهو مرادٌ ملحوظٌ، فيكون سقوطُه لضرب من التخفيف، وهو في حكم المنطوق به.

والثاني: أن تحذفه مُعرِضًا عنه ألبتّةَ، وذلك أن يكون الغرضُ الإخبارَ بوقوع الفعل من الفاعل من غير تعرُّضِ لمن وقع به الفعلُ، فيصير من قبيلِ الأفعال اللازمة، نحو: ظَرُفَ، وشَرِقَ، وقَامَ، وقَعَدَ.

فالأوّل نحو قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} (?)، وقوله: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} (?)، ومنه قوله تعالى: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} (?)، {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ} (?)، و {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} (?). فكلُّ هذا على إرادة الهاء، وحذفُها تخفيفًا لطُول الكلام بالصلة. ألا ترى أنَّه لولا إرادةُ الهاء، بقي الموصولُ بلا عائد، فكان في حكم المنطوق به، لأنّ الدلالة عليه من جهتَيْن: من جهةِ اقتضاء الفعل له، ومن جهةِ اقتضاءِ الصلة إذ كان العائدَ.

ومنه قوله تعالى: {وما عملتْ أيديهم} (?) قرأ عاصمٌ في رواية أبي بَكْر، وحَمْزَةُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015