وهو مصدرٌ بمعنى "العُذْر" وقد ورد منصوبًا ومرفوعًا، فالنصبُ بفعل مقدّر، كأنه قال: "هاتِ عذيرَك، أو أَحْضِرْه" ونحوَ ذلك، وُوضع موضعَ الفعل، فصار كالعوض من اللفظ به، ولذلك قُبح إظهارُ الفعل، لأنّه أُقيم مُقامَ الفعل، ودخولُ فعل على فعل محالٌ. والرفع بالابتداء، والخبرُ ما في الجارّ والمجرور بعده، ومعناه مَن يعذرني في احتمالي إيّاه.
وقال بعضهم: ليس العذير مصدرًا، وإنّما هو بمعنَى عاذرٍ، يقال: عاذرٌ، وعذيرٌ كـ "شاهد"، و"شهيد"، و"قادر"، و"قدير". وضعُف أن يكون مصدرًا بمعنى العُذْر، قال: لأن "فَعِيلًا" لم يأت في المصادر إلّا في الأصوات، نحو: "الصهِيل"، و"الصرير". فإذا قال: "عذيرَك" على معنَى "عاذَرك"، فكأنّه قال: "هاتِ عاذرَك، أو أحضِرْ عاذَرك".
وهو مذهب سيبويه، وهو الصواب، لأنّه وُضع موضعَ الفعل، والمصدرُ يطّرِد وضعُه موضعَ الفعل، نحو: "رُوَيْدَكَ"، و"حَذَرَكَ"، ولا يطّرِد ذلك في اسم الفاعل، على أنّهم قد قالوا: "وَجَبَ القَلْبُ وَجِيبًا"، فجاء المصدرُ على "فَعِيلٍ" في غير الأصوات، فجاز أن يكون هذا منه.
وأمّا قولهم: "هذا ولا زَعَماتِك" قال ذو الرُّمَّة [من الطويل]:
241 - لَقَدْ خَط رُومِىٌّ ولا زَعَماتِه ... لعُتْبَةَ خَطَّا لم تُطَبُّقْ مَفاصِلُهْ