وقولِ الآخر [من الرجز]:

بِنَا تميمًا يُكشَف الضبابُ

وذلك الفصل مختصٌّ بـ "أيّ" دون غيرها من الأسماء. وهذا الفصلُ يكون بسائر الأسماء نحوِ: بني فلان، وآلِ فلان، وغيرِها من الأسماء.

واعلم أنّ هذا الضرب من الاختصاص ليس نداء على الحقيقة، وإن كان جاريًا مجراه، وذلك من قِبَل أنه منصوبٌ بفعل مضمر غيرِ مستعمل إظهارُه، ولا يكون إلّا للمتكلّم والمخاطَب، وهما حاضران، ولا يكون لغائب كما أن النداء كذلك. والذي يدلّ على أنّه ليس بنداءَ أن الاسم المفرد الذي يقع فيه لا يُبنى على الضمّ كما يُبنى الاسم المفرد في النداء على الضمّ، نحوُ: "يا زيدُ"، و"يا حَكَمُ". ولم يقولوا في قول الشاعر: "بنا تميمُ" بالضمّ كما فعلوا في النداء، ولأنّه أيضًا يدخل عليه الألفُ واللام، نحوَ قولهم: "نحن العربَ أقرى الناس للضَّيْف". ولا يجوز ذلك في النداء.

والفرق بين هذا الاختصاص واختصاصِ النداء أنك في النداء تختصّ واحدًا من جَماعةٍ ليعطِف عليك عند توهُّمِ غَفْلةٍ عنك. وفي هذا الباب تختصّه بفعلٍ يعمل فيه النصبَ، تَقصِد به الاختصاص على سبيلَ الافتخار والتفضيل له. والاسم المنصوب في هذا الباب لا بدّ أن يتقدّم ذكرُه، ويكونَ من أسماء المتكلّم والمخاطَب، نحوَ قوله [من الطويل]:

228 - أبَى الله إلّا أنّنا آلَ خِنْدِفٍ ... بنا يَسْمَعُ الصَّوْتَ الأنامُ ويُبْصِرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015