وهذا الذي يُقال فيه نصبٌ على المَدْح والشتْم والترحُّم".

* * *

قال الشارح: اعلم أن هذا النحو من الاختصاص يجري على مذهب النداء من النصب بفعل مضمر غيرِ مستعمل إِظهارُه، وليس بنداء على الحقيقة، بدليلِ أنّ الاسم المفرد الذي يقع فيه لا يُبنى على الضمّ، كما يُبنى الاسم المفرد في النداء على الضمّ في نحوِ: "يا زْيدُ"، و"يا بكرُ". ولم يقولوا في [من الرجز]:

226 - بِنَا تَمِيمًا يُكشَفُ الضَّبابُ

"بنا تميمُ" بالضمّ، كما فعلوا في النداء، ولأنّه أيضًا يدخل عليه الألف واللام، نحوَ: "نحن العربَ أقرى الناس للضيف"، وما فيه الألف واللام لا يباشره حرفُ النداء، وإذا أرادوا ذلك، تَوَصَّلوا إليه بـ "أي" ونحوِها، كقولك: "يا أيها الرجلُ". فلمّا قلت ها هنا: "نحن العربَ" من غير وُصْلةٍ، دلّ أنّه غيرُ منادى.

وقوله: "ممّا يجري هذا المجرى"، يريد مجرى الأوّل في الاختصاص، وإنّما فصله من الأوّل، وإن كانا جميعًا اختصاصًا لأنّهما مختلفان من جهة اللفظ، وذلك أنّ الفصل الأوّل مرفوعٌ، نحوُ "نحن نفعل كذا أيّتها العصابةُ"، و"أنا أفعل كذا أيّها الرجلُ"، وهذا الفصلُ منصوبٌ، نحوُ قوله [من البسيط]:

227 - إنّا بني مِنْقَرٍ [قومٌ ذوو حَسَبٍ ... فينا سَراةُ بني سَعْدٍ وناديها]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015