وأنشده بفتح اللام وكسرِها، فالذين كسروا اللامَ تركوها على أصلها، والذين فتحوها خلطوها بـ"وَيْ"، كما قالت العربُ: "يَالَ تَيْم"، ثمَّ أُفردت هذه اللام فخُلطت بيائها كأنّها منها، ثمّ كثُر استعمالُها، فأدخلوا عليها لامًا أخرى، فقالوا: "وَيْلٌ لك".
وأمّا "وَيْحٌ" وَ "وَيْسٌ" وَ "وَيْبٌ" فكناياتٌ عن الوَيْل، فـ"وَيْلٌ" كلمةٌ تُقال عند الشَّتْم والتوبيخ معروفةٌ، وكثُرت حتّى صارت للتعجّب. يقولها أحدُهم لِمن يُحِبّ ولِمن يُبْغِض، وكنّوا بـ"الوَيْس" عنها، ولذلك قال بعضُ العُلماء: "وَيْسٌ" ترحُّمٌ، كما كنوا عن غيرها، فقالوا: "قَاتَلَهُ الله! " ثمّ استعظموا ذلك، فقالوا: "قَاتَعَهُ اللهُ، وكَاتَعَهُ"، وله نظائرِ، والقول ما قاله سيبويه، ولو كان الأمرُ على ما قال الفرّاءُ، لَمَا قيل: "ويلٌ لزيدٍ" بضمّ اللام والتنوين.
واعلم أنّ هذه المصادر إذا أُضيفت لم تَتصرَّف ولم تكن إلَّا منصوبةً لِما ذكرناه، ولأنّك لو رفعتَها بالابتداء لم يكن لها خبرٌ، فإن أفردتَها، وجئتَ باللام جاز الرفعُ، فتقول: "وَيْلٌ لك، وَوَيْحٌ له"، فيكون الجارّ والمجرور الخبرَ، ويجوز النصب مع اللام فتقول: "ويحًا له، وويلًا له" قال جَرِير [من الطويل]:
173 - كَسَا اللُؤْمُ تَيْمًا خُضْرَةً في جُلودها ... فَوَيْلًا لتَيْمٍ من سَرابِيلها الخُضْرِ