يصف أَسَدًا؛ وأمّا قولهم: "حَمْدًا وشُكرًا" إلخ، فهذه المصادر ليست من المصادر اقي قبلها من وجهٍ، وهي منها من وجهٍ آخر. وذلك أنّ هذه المصادر أفعالُها الناصبةُ لها المضمرةُ أخبارٌ يُخْبِر بها المتكلّمُ عن نفسه، وليست بدُعاء لأحدٍ، أو عليه، فلم تكن منها من هذا الوجه. ومن جهة أنّ الفعل المضمر مستقبلٌ أشبهت الدعاء لاستقباله، فمعناهما: أَحْمَدُ الله حمدًا، وأشكُره شكرًا، وأعْجَبُ عَجَبًا، وأُكْرِمُك كَرامةً، وأَسُرُّك مَسَرَّةً؛ وأمّا قولهم: "لا كَيْدًا، ولا همًا" فمعناه؛ لا أكادُ كَيْدًا أن أفعلَ، وهو من "كِدْتُ أكادُ" من أفعالِ المقارَبة، وليس من الكَيْد الذي هو المَكْر، ولا "أَهْمُّ به همًّا" من الهِمّة لا من الهَمّ الذي هو الحُزْن، كأنّه يُؤكد ما ينقي أن يفعل. وقوله: "لأفعلنّ ورَغْمًا وهوانًا" أي: أُرْغِمُك بفعله رَغْمًا وأُهِينُك به هوانًا، وأصلُ الرَّغْم لُصوقُ الأَنْف بالتُّراب، وهو كنايةٌ عن الذُلّ، وقد جاء بعضُ هذه المصادر مرفوعًا بأنّه خبرُ مبتدأ محذوف. قال رُؤْبَةُ [من الكامل]:

158 - عَجَبٌ لِتِلْكَ قَضِيَّةَ وإقامتِي ... فيكم على تلك القضيَّةِ أَعْجَبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015