وعقرًا, وبؤسًا, وبعدًا, وسحقًا, وحمدًا, وشكرًا لا كفرًا, وعجبًا, وافعل ذلك وكرامة, ومسرَّة, ونعم, ونُعمةَ عينٍ, ونعام عينٍ, ولا أفعل ذلك ولا كيدًا ولا همًّا, ولا فعلن ذلك ورغمًا وهوانًا".
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ هذه المصادر قد وردت منصوبة بإضمار فعل، وذلك الفعلُ لم يظهر مع هذه المصادر، وذلك قولك في الدُّعاء للإنسان: "سَقيًا ورَعْيًا"، والمراد: سقاك الله سقيًا ورعاك اللهُ رعيًا، فانتصبا بالفعل المضمر، وجعلوا المصدر بَدَلًا من اللفظ بذلك الفعل. وذلك أنّهم قد استغنوا بذكرِ المصدر عن ذكرِ الفعل، كما قالوا: "الحَذَرَ"، والمعنى احْذَرِ الحَذَرَ، ولم يذكروا "احْذَرْ"، فلمّا استغنوا بذكر هذه المصادر عن ذكرِ الفعل، صار قولُك: "سَقْيًا ورَعْيًا" كقولك "سَقاك الله، ورعاك اللهُ"، فلو أظهرتَ الفعلَ صار كتَكْرارِ الفعل، ومن ذلك قولك للمَدْعُوّ عليه: "خَيْبَة، وجَدْعًا، وعَقْرًا، وبُؤْسًا، وبُعْدًا، وسُحْقًا". فقولك: "خيبة" بَدَلٌ عن "خَيَّبَك اللهُ"، وهو مصدرٌ منصوبٌ به، وكذلك "جَدْعًا" معناه: جَدَعَكَ اللهُ. ومثله "عقرًا، وبؤسًا، وبعدًا، وسحقًا" أي: عَقَرَهُ الله عقرًا، وأَبْأَسَهُ اللهُ بُؤْسًا، وأبعدَه اللهُ بعدًا، وأسحقَه اللهُ سحقًا، على حذفِ الزوائد، وكلُّ هذه المصادر دُعاءٌ عليه أو له، وهي منصوبةٌ بفعل مضمر متروكٍ إظهاره، لأنّها صارت بدلًا من الفعل، وبعضهم يُظهِر الفعلَ تأكيدًا، فيقول "سقاك الله سَقْيًا، ورَعاك الله رَعْيًا" وليس بالكثير، ومنهم من يرفع فيقول: "سَقْىٌ لك، ورَعْيً"، والمعنى مفهومٌ كما يقال: "سلامٌ عليكم"، وإِنما يُخْرِجه مُخرَجَ ما قد ثَبَتَ. قال الشاعر [من الطويل]:
157 - أَقامَ وأَقْوَى ذاتَ يَوْمٍ وخَيْبَةٌ ... لأوّلِ من يَلْقَى وشَرُّ مُيَسَّرُ