ثمّ وقف بالألف، وأجرى حال الوصل مجرى الوقف. وقد حمل بعضهم قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} (?) على إرادة نون التأكيد، والأصلُ، أَلْقِيَنْ: واحتجّ بأنّ الخطاب في ذلك لمالكٍ خازنِ النار.
فإن كان ما قبل هذه النون مضمومًا أو مكسورًا، نحو قولك: "هل تَضْرِبُنْ يا قومُ"، و"هل تَضْرِبِنْ يا امرأةُ"، فإن وقفتَ قلت: "هل تَضْرِبُونْ؟ " و"هل تَضْرِبِينْ؟ " وذلك أنّ حكم هذه النون حكمُ التنوين، فكما تُبْدِل من التنوين ألفًا في النصب، كذلك تُبْدِل من هذه النون ألفًا إذا انفتح ما قبلها، وكما يُحذف التنوين في الرفع والجرّ، كذلك تحذف هذه النون إذا انضمّ ما قبلها، أو انكسر. وإذا حذفت النون، عادت الواوُ التي هي ضميرُ الجماعة لزَوال الساكن من بعدها، وهي نونُ التأكيد، وتعود النون التي هي علامة الرفع أيضًا؛ لأنّها إنّما كانت سقطت لبناء الفعل عند اتّصال نون التأكيد به. فلمّا زال موجِبُ البناء، عاد الإعرابُ لزوال المانع منه، ووجودِ المقتضى له، وهو المضارعةُ، ثمّ عادت النون التي هي للرفع. وكان يونسُ (?) يُبْدِل من النون الخفيفة إذا انضمّ ما قبلها واوًا، ومن المكسور ما قبلها ياء، قياسًا على المفتوحة، فيقول في "اخْشَوُنْ": "اخْشَوُو" وفي "اخْشَيِنْ": "اخْشَيِي". وهو على قياسِ من يبدل من التنوين في حال الرفع والجرّ. وسيبويه لا يجيز ذلك (?). وقد تقدّم الكلام على أحكام التنوين, والفرقِ بين هذه النون والتنوين بما أغنى عن إعادته.