قال الشارح: قوله: "غير متمكّن"، يريد أنّه قد خرج عن مكانه من الاسميّة إلى شبه الحرف، فبُنى. فمن ذلك "أَنا" الاسمُ فيه الألفُ والنون، والألف دخلت لبيان الحركة في الوقف، يدلّ على ذلك أنّك إذا وصلتَ، سقطت الألفُ، فتقول: "أنَ فعلتُ". والوصلُ ممّا يردّ الأشياء إلى أصولها في الغالب، وذكر سيبويه أنّ من العرب من يُثْبِت هذه الألف في الوصل (?) , فيقول: "أَنَا فعلت" وقد قرأ به نافعٌ في قوله تعالى: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} (?)، و {أَنَا آتِيكَ بِهِ} (?). ومنه قول الشاعر [من الرجز]:
أَنا أبو النَّجْمِ وشِعْري شِعْري (?)
وقول الآخر [من المتقارب]:
فَكَيْفَ أَنَا وانتحالي القَوافِي (?)
وقول الآخر [من الوافر]:
أَنا سَيْفُ العَشِيرَةِ فاعْرِفُونِي ... حَمِيدٌ قد تَذرَّيْتُ السَّناما (?)
فقد كثُر ذلك عنهم حتى قال الكوفيون: إنّها من الكلمة، وليست زائدة. فهذه الألفُ في كونها مجتلَبةً في الوقف لبيان الحركة كالهاء في "كتابِيَهْ" و"حسابِيَهْ".
وربّما وقعت الهاء موقعَها في هذا الموضع, لأنّ مجراهما واحدٌ. قالوا: "أَنَهْ". ومنه قول حاتمٍ: "هذا فَزْدِي أَنَهْ" (?). ومن ذلك قولهم: "حَيَّ هَلا" في الوقف. فإذا وصلوا قالوا: "حَيَّ هَلَ" بفتح اللام من غير ألف، وإن شئت قلت: "حَيَّ هَلْ" بالسكون من غير حركة.