وقد تدخل هذه النون مع النفي تشبيهًا له بالنهي؛ لأنّ النهي نفيٌ، كما أنّ الأمر إيجابٌ، فتقول من ذلك: "ما يخرجنّ زيدٌ". قال الشاعر [من الطويل]:
وَمِن عِضَةٍ مَا يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها (?)
وقد جاء في النفي بـ "لَمْ" لوجود صورة النفي. قال الشاعر [من الرجز]:
1206 - يَحسبه الجاهلُ مالم يَعْلَما ... شَيْخًا على كُرْسِيّه مُعَمَّما
أراد النون الخفيفة، فأبدل منها الألفَ للوقف، وفي ذلك ضعفٌ على أنّ المضارع مع "لم" بمعنى الماضي، والماضي لا تدخله النونُ ألبتّة.
وقوله: "وفيما يقاربه" يريد أنّ "قَلَّمَا" لمَّا كُفّت بـ "ما"، ودخلت على الفعل في "قلَّما يفعلُ"، وأُجري نفيًا، وغلب ذلك فيه، ضارَعَ الحرفَ، فلم يقتض الفاعلَ كما لا يقتضيه الحرفُ. ولذلك لا يقع إلَّا صدرًا, ولا يكون مبنيًّا على شيء. فأمّا "كَثُرَ ما يقولنّ ذلك"، فلمّا كان خلافه، أُجرى مجراه كـ"صَدْيانَ" و"رَيَّانَ" ونحوِ ذلك ممّا كثُر تَعدادُه ممّا أجري مجرى خلافه، فاعرفه.