والأكثر أن تدخل عليه مع "قد", كقولك: "والله لقد خرج".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ أصل هذه اللام لامُ الابتداء، وهي أحدُ الموجِبَيْن اللذين يُتلقّى بهما القسم، وهما اللامُ و"إنَّ". وهذه اللامُ تدخل على الجملتين الاسميّةِ والفعلّيةِ. مثالُ الأوّل: "واللهِ لَزيدٌ قائمٌ"، كما تقول: "إنّ زيدًا قائمٌ". وإنّما قلنا إنّ أصلها الابتداءُ؛ لأنّها لحد تتعرّى من معنى الجواب، وتخلُص للابتداء، ولا تتعرّى من الابتداء، فلذلك كان أخصَّ معنيَيْها، وذلك قولك: "لَعَمْرُك لأقُومَنَّ"، و"لَعَمْرُ اللهِ ما نَدْري". ألا ترى أنّها ههنا خالصةٌ للابتداء، إذ لا يصحّ فيها معنى الجواب؛ لأنّ القسم لا يُجاب بالقسم؟

أمّا الداخلة على الفعل، فهي تدل على الماضي والمستقبل. فإذا دخلت على المستقبل، فلا بدّ من النون الثقيلة أو الخفيفة، نحو قولك: "واللهِ لأقومنّ". قال الله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (?)، وقال: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} (?). فاللامُ للتأكيد واتّصالِ القسم إلى المُقْسَم عليه. وتفصل بين النفي والإيجاب. ودخلت النونُ أيضًا مؤكّدةً وصارفةً للفعل إلى الاستقبال وإعلام السامع أنّ هذا الفعل ليس للحال، كقوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (?)، أي: لَحاكِمٌ. فإن زال الشكُّ بغير النون، استُغني عنها. قال الله تعالى: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (?)، وقال: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (?)؛ لأن "سَوْفَ" تختصّ بالاستقبال. ولم تأتِ هذه اللام والنون إذا وليت المستقبلَ إلَّا مع القسم أو نيّةِ القسم.

قال سيبويه (?): سألتُ الخليل عن قوله: "لَيفعلنّ" إذا جاءت مبتدأةً، قال: هي على نيّة القسم، فإذا قلت: "لَتَنطَلِقَنَّ"، فكأنّك قلت: "والله لتنطلقنّ". قال الله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} (?) أي: واللهِ لَتعلمنّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015