والمراد: "لرأين ما يُسخنهن وما يُسخِّنُ أعينَهنّ". ومن ذلك "لو ذاتُ سِوارٍ لَطَمَتنِي" (?) لم يأتِ بجوابٍ، والمراد: "لانْتصفتُ". وذلك كلُّه للعلم بموضعه. وقال أصحابُنا: إنّ حذف الجوابَ في هذه الأشياء أبلغُ في المعنى من إظهاره، ألا ترى أنّك إذا قلت لعبدك: "واللهِ لَئِنْ قمتُ إليك" وسكت عن الجواب، ذهب فِكرُه إلى أشياءَ من أنواع المكروه، فلم يدر أيها يبقى، ولو قلت: "لأضرِبَنَّك" فأتيتَ بالجواب، لم تُبْقِ شيئًا غيرَ الضرب. ومنه قوله تعالى: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} (?)، ولم يعيِّن العقوبةَ، بل أبْهَمَهَا؛ لأن إبهامها أوقعُ في النفس، فاعرفه.
قال صاحب الكتاب: ولا بد من أن يليهما الفعل, ونحو قوله تعالى: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ} (?) , و {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} (?) على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر. ولذلك لم يجز: "لو زيد ذاهب"، ولا "إن عمرو خارج". ولطلبهما الفعل, وجب في "أن" الواقعة بعد "لو" أن يكون خبرها فعلاً, كقولك: "لو أن زيداً جاءني لأكرمته", وقال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} (?). ولو قلت: "لو أن زيداً حاضري لأكرمته", لم يجز.
* * *