قال الشارح: وقد تزاد "أن" المفتوحةُ أيضًا توكيدًا للكلام، وذلك بعد "لَما" في قولك: "لما أن جاء زيدٌ قمتُ"، والمراد: لما جاء زيدٌ قمتُ. قال الله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} (?)، فـ "أنْ" فيه مؤكدةٌ بدليل قوله تعالى في سورة هُودِ: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ} (?)، والقصةُ واحدة. وقالوا: "أمَا واللهِ أنْ لو فعلتَ لَفعلتُ"، وذلك في القسم إذا أُقسِم على شيء في أوّله، فيقع في جواب القسم، ولا يقع جوابًا له في غير ذلك، فاعرفه.
قال صاحب الكتاب: و"غضبت من غير ما جُرم"، و"جئت لأمر ما"، و"إنما زيدًا منطلق"، و"أينما تجلس أجلس"، و"بعين ما أرينك" (?). وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} (?)، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ} (?)، وقال تعالى: {عما قليل} (?)، وقال تعالى: {أيما الأجلين قضيت} (?)، وقال: {وإذا ما أنزلت سورة} (?)، وقال: {مثل ما أنكم تنطقون} (?).
* * *
قال الشارح: قد زيدت "ما" في الكلام على ضربين: كافةً، وغير كافة. ومعنى الكافة أن تكف ما تدخل عليه عما كان يُحدِث فيه قبل دخولها من العمل. وقد دخلت كافة على الكلم الثلاث: الحرفِ والاسمِ والفعلِ.
أمّا دخولُها على الحرف للكف، فعلى ضربين: أحدُهما أن تدخل عليه، فتمنعه العملَ الذي كان له قبلُ، وتدخل على ما كان دخل عليه قبل الكف غيرَ عامل فيه، نحوَ قوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (?)، و {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} (?) و "كأنما زيدٌ أسدٌ"، و"لَعَلَّمَا أنتَ حالمٌ" (?). والآخرُ أن تدخل على الحرف، وتكفه عن عمله، وتُهيِّئه للدخول على ما لم يكن يدخل عليه قبل الكف. وذلك نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ