إذ لو كانت "إن" أيضًا للنفي، لانعكس المعنى إلى الإيجاب؛ لأن النفى إذا دخل على النفي، صار إيجابًا.
وقد تزاد "إن" المكسورة المؤكدةُ مع "ما" المصدريّة بمعنى الحين والزمان، فيقال: "انتظرنا ما إنْ جلس القاضي"، يريد زمانَ جلوسه. ومثلُه: "أقِم ما أقمتَ" و"لا أُكلَّمك ما اختلف الليلُ والنهارُ". قال الله تعالى: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} (?). وحقيقتُه أنّ "ما" مع الفعل بتأويل المصدر، والمصدرُ يُستعمل بمعنى الحين، نحوُ: "خفوقَ النجْمِ"، و"مَقدَمَ الحاج". والظرفُ في الحقيقة هو الاسمُ المحذوف الذي أُقيم المصدر مُقامَه، فإذا قال: "اجلِس ما جلستَ"، فقد قال: "اجلسْ جلوسَك"، أي: وقتَ جلوسك، فحُذف اسم الزمان، وأُقيم المصدر مقامه. قال الشاعر [من الطويل]:
1154 - وَرَج الفتى للخَيرِ ما إن رأيتَه ... على السّن خَيرًا مَا يَزالُ يَزِيدُ
أي: رَجّ الخيرَ له إذا رأيتَه يزداد على السن والكبَر خيرًا. و"خيرا" نصبٌ على التمييز.
قال صاحب الكتاب: وتقول في زيادة "أن": "لما أن جاء أكرمته" و"أما والله أن لو قمت لقمت".
* * *