تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ} (?)، أي: بلى نجمعها قادرين، وقال تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قَالَ بَلَى} (?). ولو قال:"نعم"، لكان كُفْرًا هذا قول النحويين المتقدمين من البصريين. وقد ذهب بعض المتأخرين إلى أنه يجوز أن يقع "نعم" موقعَ "بلى"، وهو خلافُ نص سيبويه. وأحسنُ ما يُحمَل عليه كلامُ هذا المتأخر أنّ "نعم" إذا وقعتْ بعد نفيٍ قد دخل عليه الاستفهامُ، كانت بمنزلةِ "بلى" بعد النفي، أعني للإثبات؛ لأن النفي إذا دخل عليه الاستفهامُ رُدّ إلى التقرير وصار إيجابًا، ألا ترى إلى قوله [من الوافر]:
1153 - ألَسْتُمْ خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا ... وأندى العالَمِين بُطُونَ راحِ
فإنه أخرجه فخرَجَ المدح، ويُقال: إن الممدوح اهتزّ بذلك. فعلى ذلك لا يقع "نعم" في جوابِ ما كان من ذلك إلا تصديقًا لفَحْواه، كما يقع في جواب الإيجاب، فاعرفه
وأمّا "أجَل"، فأمرها كأمر "نَعَمْ" في التصديق. قال الأخفش: إلَّا أن استعمالَ "أجل" مع غير الاستفهام أفصحُ.