ويقال: "جير لأفعلن" بمعنى: حقاً. و"إن" كذلك. قال [من مجزوء الكامل]:
ويقلن شيبٌ قد علا ... ك وقد كبرت, فقلت إنه (?)
و"أي" لا تُستعمل إلا مع القسم، إذا قال لك المستخبر: "هل كان كذا؟ " قلت: "إي والله"، و"إي والله"، و"إي لعمري"، و"إي ها الله ذا".
* * *
قال الشارح: اعلم أن هذه الحروف التي يُجاب بها، فمنها "نَعَمْ"، و"بَلى". وفي الفرقَ بينهما نوعُ إشكال، ولذلك يكثر الغلطُ فيهما، فتوضَع إِحداهما موضعَ الأخُرى. وجملة القول في الفرق بينهما أن "نَعَمْ" عِدَة وتصديقٌ كما قال سيبويه (?)، فإذا وقعت بعد طلبٍ كانت عدةً، وإذا وقعت بعد خبر، كانت تصديقًا نفيًا كان أو إيجابًا.
وأمّا "بلى"، فيُوجَب بها بعد النفي، فهي توفع النفيَ وتُبطِله. وإذا رفعته؛ فقد أوجبت نقيضَه. وهي أبدًا تُوجِب نقيض ذلك المنفي المتقدّم، ولا يصح أن تُوجِب إلَّا بعد رفعِ النفي وإبطالهِ.
وأما "نَعَمْ"، فإنّها تُبقِى الكلامَ على إيجابه ونَفيه؛ لأنها وُضعت لتصديقِ ما تقدّم من إيجابٍ أو نفي، من غيرِ أن ترفع ذلك وتُبْطِله. مثالُه إذا قال القائل: "أخَرَجَ زيدٌ"، وكان قد خرج، فإنّك تقول في الجواب: "نَعَمْ"، أي: نَعَم قد خرج، فإن لم يكن خرج. قلتَ في الجواب: "لا"، أي: لم يخرج. فإن قال: "أما خرج زيدٌ؟ " وكان لم يخرج، فإنّك له في الجواب: "نَعَم"، أي: نعم ما خرج، فصدقتَ الكلام على نفسه باطّراح حرف الاستفهام، كما صدّقته على إيجابه، ولم ترفع النفيَ وتُبطِله بخلافِ "بَلى". وإن كان قد خرج، قلت في الجواب: "بَلى"، أي: بلى قد خرج، فرفعتَ ذلك النفى، وحدث في بعضه إثباتُ نقيضه، بخلافِ "نَعَمْ" التي تُبْقِي الكلام على حاله، ولا ترفعه. قال الله