قال صاحب الكتاب: و"لن" لتأكيد ما تعطيه "لا" من نفي المستقبل. تقول: "لا أبرح اليوم مكاني". فإذا وكدت وشددت, قلت: "لن أبرح اليوم مكاني". قال الله تعالى: {لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين} (?) , وقال تعالى: {فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي} (?). وقال الخليل (?): أصلها "لا أن", فخففت بالحذف, وقال الفراء: نونها مبدلة من ألف "لا", وهي عند سيبويه (?) حرف برأسه, وهو الصحيح.
* * *
قال الشارح: اعلم أن "لَنْ" معناها النفي، وهي موضوعة لنفي المستقبل، وهي أبلغ في نفيه من "لا"؛ لأن "لا" تنفي "يَفْعَلُ" إذا أُريد به المستقبل، و"لَنْ" تنفي فعلاً مستقبْلًا قد دخل عليه السين وسَوْفَ، وتقع جوابًا لقول القائل: "سيقوم زيدٌ"، و"سوف يقوم زيدٌ". والسين وسوف تفيدان التنفيس في الزمان، فلذلك يقع نفيُه على التأبيد وطُولِ المُدّة، نحوِ قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} (?)، وكذلك قول الشاعر [من البسيط]:
1142 - ولن يُراجِعَ قَلبي حُبَّها أبدًا ... زَكِنْتُ من بُعْضهم مثلَ الذي زكنوا